السؤال:
هل يجوز أن أدعو وأنا أصلي - أثناء السجود أو قبل السلام - لأمر دنيوي؛ كأن أقول مثلاً: رب يَسِّرْ لي أمراً ما. أم أن الدعاء أثناء الصلاة لأمور الدنيا يكون فقط في الصلوات النوافل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجوز الدعاء في السجود، وعقب التشهد قبل السلام في الصلاة، لنفسك وللمسلمين بأي دعاء فيه الخير لهم في الدنيا والآخرة, والأولى الالتزام بالأدعية المأثورة.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "مذهبنا أنه يجوز أن يدعو فيها بكل ما يجوز الدعاء به خارج الصلاة من أمور الدين والدنيا، وله [أن يقول]: اللهم ارزقني كسباً طيباً، وولداً، وداراً، وجارية حسناء يصفها، و: اللهم خلص فلاناً من السجن، وأهلك فلاناً، وغير ذلك، ولا يبطل صلاته شيء من ذلك عندنا. وبه قال مالك والثوري وأبو ثور وإسحق. وقال أبو حنيفة وأحمد لا يجوز الدعاء إلا بالأدعية المأثورة الموافقة للقرآن، واحتج لهم بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : (إنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصِحُّ فيها شيء مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إنَّما هو التَّسْبِيحُ والتَّكْبِيرُ وَقِراءَةُ القُرْآنِ) رواه مسلم، وبالقياس على رد السلام وتشميت العاطس.
واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم: (وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء)، فأطلق الأمر بالدعاء ولم يقيده، فتناول كل ما يُسَمَّى دعاءً؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم دعا في مواضع بأدعية مختلفة، فدل على أنه لا حرج فيه. وفى الصحيحين في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر التشهد: (ثم ليتخير من الدعاء)... وعن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقول في قنوته: (اللهم أنج الوليد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلهما عليهم سنين كسني يوسف) رواه البخاري ومسلم، وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم العن رِعلاً وذَكوانَ وعُصَيَّةَ عصت الله ورسوله) وهؤلاء قبائل من العرب، والأحاديث بنحو ما ذكرناه كثيرة.
والجواب عن حديثهم: أن الدعاء لا يدخل في كلام الناس، وعن التشميت ورد السلام أنهما من كلام الناس؛ لأنهما خطاب لآدمي بخلاف الدعاء" انتهى من "المجموع" (3/ 454). والله أعلم.