الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ففي هذا الوقت الذي يشنُّ فيه العدو الصهيوني الغاشم حملته العدوانية على إخواننا في غزة، تُذكِّر دائرة الإفتاء العام بقول النبي صلى الله عليه وسلم:(المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ) متفق عليه.

وإننا في الوقت الذي ننظر فيه بأسى إلى ما يجري في غزة من عدوان صهيوني غاشم على أهلنا -من قتل وتدمير تجاوز كل حدود القوانين الدولية والإنسانية والسماوية- لنشدُّ على أيديهم ونفتخر باستبسالهم وصمودهم آخذين بقول الله عز وجل:(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران/173.

إن عدوان الصهاينة على إخواننا في غزة عدوان على كل المسلمين، وما من مسلم إلا لَيَحْزَنُ ويتألم لما يحلُّ بهم، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه مسلم.

فيجب على كل مسلم أن يمدَّ يد المساعدة والعون لإخوانه الصابرين المرابطين، وأن يؤازرهم بما يستطيع، فهذا واجبنا أمام الله تعالى، ونحن عنه مسؤولون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مَنْ فرَّج عن مسلم كربة؛ فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة) متفق عليه. فيجب أن يتحوَّل الغضب الجيّاش إلى عملٍ فعّال، وذلك بتقديم الدعم والمساعدة ماديًّا ومعنويًّا وطبيًّا بحسب الاستطاعة. قال تعالى:(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286.

إن قوافل الإغاثة التي تنطلق من هذا البلد المبارك إلى غزة المجاهدة، هي شريان يمدُّ البلد الصابر والإخوة المجاهدين الصامدين بضرورات الحياة ولوازم الصمود، ويجب أن يستمر هذا المدد، فما يزال الموقف بحاجة إلى دعم ومؤازرة، وقد قال الله تعالى:(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) التوبة/71.

وهذه أيام التعبير عن صدق الإيمان والاعتزاز بالإسلام والانتماء إلى أمة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، ويجب شرعًا أن يستمر هذا الدعم من كل واحد منا بما يستطيع، والدعاء المخلص لرب العالمين، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران/200.