فتاوى بحثية

الموضوع : لفظ "حدّ الله" من كنايات اليمين
رقم الفتوى: 4024
التاريخ : 23-11-2025
التصنيف: الأيمان والنذور
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

هل الحلف بحدّ الله يعتبر يميناً؛ لأني قلت مرة لأحد الأشخاص: حدّ الله بيني وبينك أن تفعل كذا، فهل عليّ كفارة يمين إذا لم يفعل؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

حدّ الله: (حد): مفرد حدود، وحدود الله: هي محارمه التي نهى عن ارتكابها وانتهاكها، قال الله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة:187].

هذا؛ وقول القائل: "حدّ الله"، أو "عهد الله"، أو "بيني وبينك الله"؛ تعدُّ من كنايات اليمين، فإن قصد بها اليمين؛ فهي يمين، وإن لم يقصد بها اليمين؛ فلا تعدُّ يميناً، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "إذا قال: وعهدِ الله، وميثاقِ الله، وأمانةِ الله، فقال المتولي: إن نوى اليمين؛ فيمين، وإن أطلق؛ فلا" [روضة الطالبين 11/ 16].

وقال الإمام سليمان الجمل الشافعي رحمه الله: "ولو قال "الله" مثلاً -بتثليث آخره أو تسكينه-لأفعلن كذا؛ فكناية، كقوله: أشهد بالله، أو لعمر الله، أو عليّ عهد الله وميثاقه وذمته وأمانته وكفالته لأفعلنَّ كذا، إن نوى بها اليمين؛ فيمين، وإلا فلا" [فتوحات الوهاب 5/ 292]، أي له حكم اليمين إن أراد به اليمين.

وأما الحلف على الغير؛ فمَن حلف على غيره؛ فيستحب لذلك الغير أن يُبرَّ بيمينه، فإن لم يفعل ما طلبه منه؛ فالحكم يتوقف على قصد الحالف؛ فإن كان قاصداً الحلف والتأكيد على تحقيق هذا الأمر، وإلزامه به؛ وجب على الحالف كفارة الحنث في يمينه، وأما إذا كان قاصداً بيمينه يمين المخاطَب كأن قصد جعله حالفاً بالله تعالى، أو الشفاعة عنده بالله تعالى، أو لم يقصد اليمين؛ فإنه لا يكون يميناً، وليس على الحالف ولا على المخاطب شيء. 

قال الإمام الشربيني رحمه الله: "لو قال شخص لغيره: أقسم عليك بالله، أو أسألك بالله لتفعلنَّ كذا، وأراد يمين نفسه؛ فيمين؛ لاشتهاره في ألسنة حملة الشرع، ويُسنُّ للمخاطب إبراره فيهما إن لم يتضمَّن الإبرار ارتكاب محرَّم أو مكروه، فإن لم يُبرْهُ؛ فالكفارة على الحالف، وإلا بأن أراد يمين المخاطب، أو لم يرد يميناً بل التشفع إليه، أو أطلق؛ فلا يكون يميناً في الصور الثلاث؛ لأنه لم يحلف هو، ولا المخاطب، ويحمل على الشفاعة في فعله" [مغني المحتاج 6/ 186].

وعليه؛ فعبارة "حدّ الله" من ألفاظ الكنايات في اليمين، فإن قصد بها الحلف؛ فهي يمين، فإن حنث فعليه كفارة يمين، وأما إن لم يقصد بها اليمين؛ فليست بيمين ولا شيء عليه، وأما الحلف على الغير؛ فإن قصد الحلف والتأكيد على نفسه؛ فيعدُّ حلفاً، ويلزم الحالف كفارة إذا حنث، وأما إن لم يقصد الحلف، أو أراد المخاطَب؛ فلا تعدُّ يميناً، ولا يلزمه كفارة، وعلى كل حال فيستحب للمخاطب برّ يمينه. والله تعالى أعلم.



للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف السابق | التالي
رقم الفتوى السابق



التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا