الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الدم من النجاسات لقول الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 145].
والإجماع منعقد على نجاسة الدّم، وقد نقل ذلك شيخ الإسلام الإمام النووي، قال رحمه الله تعالى: "والدم نجس وهو بإجماع المسلمين" [شرح مسلم 3 /200].
وقد جوّز فقهاؤنا الشافعية التداوي بعين النجاسة كالدم والبول ولحم الميتة إذا فُقِد الدواء الطاهر الذي يؤدي غرض التداوي، قال الإمام الشرواني رحمه الله: "وأما «أمره صلى الله عليه وسلم العرنيين بشرب أبوال الإبل» فكان للتداوي، والتداوي بالنجس جائز عند فقد الطاهر الذي يقوم مقامه" [حاشية الشرواني على التحفة 1 /296].
وقد سبق في قرار مجلس الإفتاء الأردني رقم: (128) (6/ 2009) بيان حكم استخدام الجيلاتين المستخلص من عظم الخنزير وجلده أو من المواد النجسة، وخلاصته: أن الجيلاتين المصنوع من مشتقات الخنزير أو الحيوانات النجسة لا يجوز استخدامه في صناعة الأدوية أو المكملات الغذائية أو تغليفها لوجود ما يغني عنه في الحيوانات الأخرى التي يحل أكلها كالبقر أو السمك أو الجلاتين النباتي، ولا يجوز كذلك استخدام الأدوية المشتملة على جلاتين مستخلص من الخنزير أو المواد النجسة إلا للضرورة فقط، وفي حال عدم وجود بديل آخر له.
وعليه؛ فإن المواد والمستحضرات الطبية التي يدخل في صناعتها شيء من الدم تعدّ نجسة، فيحرم استخدامها إلا في حال عدم وجود ما يغني عنها من الأدوية الأخرى الطاهرة، وثبوت نجاعتها في العلاج، فيباح عندئذٍ استعمالها للحاجة. والله تعالى أعلم.