الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الصلاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهي فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل، فمن تركها فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، وقارف ذنباً عظيماً، وليس كل من ترك الصلاة يحكم بكفره، بل تارك الصلاة له صورتان: الأولى من تركها جاحداً لوجوبها عليه بعد علمه بها فهو مرتدٌ عن الإسلام؛ لإنكاره معلوماً من الدين بالضرورة، قال شيخ الإسلام الإمام زكريا الأنصاري رحمه الله: "باب تارك الصلاة... فالجاحد لوجوبها وإن أتى بها مرتد؛ لإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة... وأما خبر مسلم: (بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ) فمحمول على تركها جحداً" [أسنى المطالب في شرح روض الطالب 1/ 336].
والثاني: من تركها تكاسلاً-بأن يستثقلها-أو تهاوناً -بأن يجعل تركها هيّناً سهلاً مع اعتقاده بوجوبها عليه-؛ فإنه مسلم عاصٍ مرتكب لكبيرة، وهو على خطر عظيم حتى يتوب فيرجع للالتزام بها وقضاء ما فاته من الفرائض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ)، فإن الله قال: {أقم الصلاة لذكري} [طه: 14]. رواه مسلم، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها) فيه وجوب قضاء الفريضة الفائتة سواء تركها بعذر كنوم ونسيان أم بغير عذر، وإنما قيد في الحديث بالنسيان لخروجه على سبب؛ لأنه إذا وجب القضاء على المعذور فغيره أولى بالوجوب، وهو من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى" [شرح النووي على مسلم 5/ 183].
وعليه؛ فتارك الصلاة كسلاً أو تهاوناً مذنب ذنباً عظيماً، ومرتكب لكبيرة من الكبائر، وهو مؤمن عاص وعلى خطر عظيم، أما إن تركها جحوداً وإنكاراً فهذا كفر، ولا يُقبل منه عمل، ويجب نصحه وتذكيره بالله عز وجل في جميع الأحوال والمناسبات، كما تجب دعوته إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يمنع ذلك أصحابه من السكن معه أو الأكل معه، مع أمرهم له بالمعروف ونهيهم له عن المنكر.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ) رواه أبو داود والترمذي وحسّنه، فالمقصود منه ألا يألف المسلم الطباع السيئة والأخلاق غير الحميدة، فيحمل الحديث على الأوْلى؛ لقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ) رواه الشيخان. والله تعالى أعلم.