الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل أن يكون الإنسان صادقاً في أقواله وتعاملاته، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/119، وقال صلى الله عليه وسلم: (من غشّنا فليس منا) رواه مسلم.
وأما استعمال الكذب للتحايل على أموال الآخرين فهو من كبائر الذنوب، وهو أكل لأموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة/188.
وفسّر ذلك ابن جزيّ فقال: "أي: لا يأكل بعضكم مال بعض بِالْباطِلِ كالقمار، والغصب، وجحد الحقوق وغير ذلك... والإثم في (تُدلوا): إقامة الحجة الباطلة كشهادة الزور، والأيمان الكاذبة، وعلى القول الثاني: الرشوة" [التسهيل لعلوم التنزيل1/112].
والذي يؤخذ من شركات التأمين بالكذب والغش لا حقّ فيه لآخذه، لأنه لم يؤخذ من طريق صحيح، بل محرم، ويجب على الآخذ إعادة ما أخذ لشركة التأمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ) رواه أبو داود.
قال المناوي في شرحه: "(على اليد ما أخذت حتى تؤديه) من غير نقص عين ولا صفة، فمن أخذ مال غيره بسرقة وغصب ونحوه لزمه رده كذلك" [التيسير بشرح الجامع الصغير 2/ 134] بتصرف.
وعليه؛ فإن افتعال الحوادث بغرض أخذ أموال التأمين عملٌ محرم شرعاً، والمال الذي يأخذه مفتعل الحادث مال حرام يجب إعادته إلى شركة التأمين. وننصح من يفعل مثل هذه الأشياء بأن يتقي الله تعالى في كسبه، وأن لا يكتسب إلا من طيب. والله تعالى أعلم