الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ثبت في السنة الصحيحة استحباب صيام ست من شوال؛ لما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِن ْشَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)، قال الإمام النووي رحمه الله في [شرحه على مسلم 8/ 56]: "فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة".
ومن ثبت في ذمته صيام واجب، كقضاء رمضان أو نذر أو كفارة وأراد صيامه في شوال وأراد تحصيل فضل صيام ست من شوال كذلك، فقد وقع في هذه الصورة خلاف في مذهب الشافعية على قولين:
القول الأول: منع هذه الصورة على اعتبار أن كلاً من القضاء وصيام ست من شوال عبادة مقصودة بذاتها، فلا يجوز التداخل بينهما في النية.
والقول الثاني: جواز الجمع بين نية القضاء وصيام الست من شوال؛ لأن المقصود هو إشغال هذه الأيام بالصيام، وذلك قياساً على حصول تحية المسجد بأي صلاة عند الدخول إلى المسجد، وقياساً كذلك على إجزاء الغسل الواجب عن غسل الجمعة، ولكن لا يحصل للصائم في هذه الحالة الثواب الكامل.
جاء في [حاشية الشرقاوي على التحرير للشيخ زكريا الأنصاري 1/ 474]: "ولو صام فيه [أي في شهر شوال] قضاء عن رمضان أو غيره نذراً أو نفلاً آخر، حصل له ثواب تطوعها؛ إذ المدار على وجود الصوم في ستة أيام من شوال…، لكن لا يحصل له الثواب الكامل المترتب على المطلوب إلا بنية صومها عن خصوص الست من شوال، ولاسيما من فاته رمضان؛ لأنه لم يصدق أنه صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال".
وجاء في [نهاية المحتاج 3/ 208]: "ولو صام في شوال قضاء أو نذراً أو غيرهما أو في نحو يوم عاشوراء حصل له ثواب تطوّعه، كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى تبعاً للبارزي والأصفوني والناشري والفقيه علي بن صالح الحضرمي وغيرهم، لكن لا يحصل له الثواب الكامل المرتب على المطلوب".
والذي نراه هو جواز جمع صيام شوال بنية القضاء، وإن كان الأحوط فصل كل صيام على حدة؛ لما فيه من الزيادة في الأجر، وخروجاً من خلاف من منع ذلك.
وننبه هنا إلى أن النية التي يجب أن تبيت من الليل هي نية القضاء، وأما نية صيام النفل من شوال فلا يجب تبييتها. والله تعالى أعلم.