قرار رقم: (255) (8/ 2018) حكم خصم جزء من الدين مقابل السداد المبكر
بتاريخ (3/شعبان/1439هـ) الموافق (19 / 4/ 2018م)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية في جلسته الخامسة يوم الأحد (3/شعبان/ 1439هـ)، الموافق (19/ 4/ 2018م) قد نظر في الكتاب الوارد من معالي وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور عبدالناصر أبوالبصل، حيث جاء فيه:
أرجو من سماحتكم التكرم بالموافقة على عرض تطبيق مبدأ "ضع وتعجل" وآلية تطبيقه على مجلس الإفتاء الموقر، وبيان مدى إمكانية تطبيقه في معاملات التمويلات الإسلامية التي يمنحها صندوق الحج.
وبعد الدراسة ومداولة الرأي قرر المجلس ما يأتي:
خصم جزء من الدين مقابل السداد المبكر في عقود المداينات -هو ما يسمى عند الفقهاء بمسألة ضع وتعجل- ولا يخلو من خمسة أحوال:
أولاً: أن يكون الاتفاق على الحطيطة مشروطاً في أصل العقد، فهذا يعتبر ربًا محرمًا شرعًا وهو من قبيل بيعتين في بيعة، وقد ورد النهي عنه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا) رواه أبو داود.
ثانياً: الاتفاق على حط جزء من الدين مقابل تعجيل الباقي اتفاقاً طارئاً بعد انعقاد العقد، فقد منعه جمهور الفقهاء في المعتمد من المذاهب الأربعة، وذهب ابن عباس رضي الله عنهما والنخعي وابن سيرين وزفر إلى جواز حط جزء من الدين مقابل تعجيل الباقي؛ واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج بني النضير قالوا: يا رسول الله، إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل، قال: ضعوا وتعجلوا) أخرجه الحاكم، وضعفه البيهقي، ولأن الربا زيادة في أحد العوضين مقابل زيادة الأجل، فهو إضرار محض بالغريم ويختلف عن الحط عن الذمة مقابل سقوط الأجل فينتفع كلا الطرفين بذلك. والذي نراه جواز هذه الصورة، وهو ما تبناه مجمع الفقه الإسلامي الدولي، حيث جاء في القرار رقم (66): "الحطيطة من الدين المؤجل، لأجل تعجيله، سواء أكانت بطلب الدائن أو المدين، (ضع وتعجل) جائزة شرعًا، لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق".
ثالثاً: أن يكون الخصم في الديون الحالة التي تخلف المدين عن سدادها، فيصح فيها الحطيطة مقابل التعجيل؛ لأن هذا من باب الإبراء؛ جاء في [مغني المحتاج]: "ولو صالح من عشرة حالة على خمسة مؤجلة برئ من خمسة وبقيت خمسة حالة".
رابعاً: ألا يكون الحسم مشروطاً بين العاقدين، ولكن كان تبرعاً من الدائن بعد تعجيل المدين سداد الدين أو أقساط مؤجلة منه، فيعتبر ذلك من قبيل المسامحة والتبرع؛ كما جاء في قرار مجلس الإفتاء رقم (61) ما نصه: "يجوز للبنك إعفاء السائل مقدار ما يراه مناسبا من قيمة المرابحة مراعاة للظرف الخاص به، شريطة أن لا يكون هذا الإعفاء عادة متبعة لدى البنك، أو مشروطاً في العقد ابتداء".
خامساً: يجوز أن يدفع المدين للدائن عرضاً مقابل دينه وإن كانت قيمة العرض أقل من دينه، "فأجاز مالك وجمهور من ينكر ضع وتعجل، أن يتعجل الرجل في دينه المؤجل عرضاً يأخذه، وإن كانت قيمته أقل من دينه" [بداية المجتهد لابن رشد، والقوانين الفقهية لابن جزي].
وعليه، فإن إسقاط جزء من الدين المؤجل مقابل تعجيل الباقي جائز شرعاً سواء أكان بطلب من الدائن أو المدين ولا يدخل هذا في الربا المحرم شرعاً على أن لا يكون ذلك مشروطاً في أصل العقد. والله تعالى أعلم.
المفتي العام للمملكة / سماحة الدكتور محمد الخلايلة
الشيخ عبد الكريم الخصاونة / عضو
الشيخ سعيد الحجاوي / عضو
أ.د. عبد الله الفواز / عضو
د. ماجد دراوشه / عضو
القاضي خالد الوريكات / عضو
د. أحمد الحسنات / عضو
د. محمد الزعبي / عضو