كلمة أمين عام دائرة الإفتاء بالوكالة في افتتاح مؤتمر جامعة سراج الهدى في الهند*
الحمد لله الذي خلق الخلق ليعبدوه، وأودع فيهم العقول ليعرفوه، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنه ليشكروه:
يا رب ما عدت أرجوا غير واحدة رضاك عــني وعفواً منك يسـترني
إذا ذكرتك جــاوزت السـماء شرفاً فكيف إن كنت فوق العرش تذكرني
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى من سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين، ورحم الله من قال:
شعوبك في شرق البلاد وغربها كأصحاب كهف في عميق سبات
بـإيــمانـهم نوران ذكر وســنة فما بــالهم في حــالك الظــلمات
أما بعد:
أصحاب السماحة والفضيلة أيها العلماء الأجلاء أسرة جامعة سراج الهدى أيها الجمع الكريم: اسمحوا لي بالأصالة عن نفسي ونيابة عن دائرة الإفتاء العام في المملكة الأردنية الهاشمية ممثلة بسماحة مفتي عام المملكة، بأن أتقدم بأسمى آيات التهاني والتبريك إلى جامعتكم الموقرة جامعة سراج الهدى، بمناسبة احتفالكم باليوبيل الفضي وذلك بمرور خمسة وعشرين عاماً على تأسيسها، سائلاً الله عز وجل أن تبقى منارة علم ومصباح هداية تنشر تعاليم ديننا الحنيف بالحكمة والموعظة الحسنة، لتبدد غياهب الظلم وتجلَّي صورة الإسلام السمحة والمشرقة، التي حاول أعداء هذه الأمة في زماننا تشويهها بقبيح أقوالهم وأفعالهم التي نسبوها لديننا زوراً وبهتاناً، والدين منها براء، قتل للأبرياء وسفك للدماء وهدم للبيوت وأُسَر تُقتل وتموت:
فمــاذا جنــينا مــن حماقــات ثــلة تزيت بزي الدين في الدين تنخر
أفاعيل طيش تحتسي الأرض سمها ودرب الهدي فيها كئـيب معثر
أيها الجمع الكريم: نحن حملة دعوة لا حملة حربة نحن وراث رسالة وأصحاب دين هدفنا أن نحمل هم الدعوة فتصبح حياة تعاش ومنهج يتبع، يقوم على أساس تحقيق الغاية والمقصد من بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، المتمثل في قوله تعالى :(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ):
ملكنا فكان العدل فينا سجيةً فــلما مــلكــتم سـال بالــدم أبطح
وحللتم قتل الأسارى وطالما غدونا على الأسرى نمن ونصفح
فحســبكم هذا التـفاوت بيننا فــــكل إناء بالــذي فــيه ينــضـح
أيها العلماء الأجلاء:
لقد أخذت جامعة سراج الهدى على عاتقها وبتوجيهات من سماحة مؤسسها الشيخ عبد الرحمن الثقافي أن تبقى منارة علم ومعرفة وصرحاً علمياً كبيراً يجمع بين الأصالة والمعاصرة، مرتبطة بالأصل، ولكنها تواكب تطورات العصر، لتكون بذلك محط أنظار طلبة العلم لينهلوا منها العلم والمعرفة والخلق والأدب ليكونوا بعد ذلك علماء ودعاة، حاديهم في ذلك قول الشاعر:
ما الفخــــر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه والجاهـلون لأهل العـلم أعداء
فـفـز بعلم تعش حيـا ًبه أبــداً الناس موتى وأهل العلم أحياء
فالبعلم إخواني تبنى الأمجاد، وتشاد الحضارات، وتسود الشعوب، وتبنى الممالك:
العلم يجلو العمى عن قلب صاحبه كما يجلي سواد الظلمة القمر
فلولا العلم ما سعدت نفوس ولا عرف الحلال ولا الحرام
يا إخواننا في الهند:
كونوا خير سفراء لدينكم، يسروا ولا تعسروا، بشروا ولا تنفروا، أدخلوا الناس بدينكم بأخلاقكم وحسن معاملتكم مع الآخرين، كونوا صورة الإسلام المشرقة المبنية على المودة والرحمة والعفو والمسامحة فأنتم حملة دعوة، ووراث رسالة.
وفي الختام أكرر شكري لجامعة سراج الهدى على هذه الدعوة المباركة والله أسأل لكم ولجامعتكم التوفيق والسداد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
* كلمة عطوفة أمين عام دائرة الإفتاء العام بالوكالة في افتتاح مؤتمر جامعة سراج الهدى بمناسبة احتفالهم باليوبيل الفضي بمرور 25 عاماً على تأسيس الجامعة وقد تُرجمت الكلمة باللغة الهندية وتم نشرها في الصحافة الهندية.