مقالات

نظرة الإسلام إلى عادة الإسراف في رمضان

الكاتب : دائرة الإفتاء العام

أضيف بتاريخ : 21-07-2011


 

رمضان شهر الخير والبركات، يفتح الله عز وجل فيه على عباده أبواب رحمته، وينعم عليهم بجوده وكرمه، كي يشكروه على نعمته، ويسألوه المزيد من فضله، كما قال سبحانه وتعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) البقرة/152.


والعبد الذي يتصف بالفقر إلى الله، والحاجة إليه، لا يليق به أن يقابل نعمة الله في شهر رمضان بالجحود والنكران، فيسرف في طعامه وشرابه، ويبذر في إنفاقه، ويتجاوز حدود النفقة المعتدلة إلى درجة الإفراط الذي يفسد البيوت، ويضر المجتمعات، وينقلب على المقصد الشرعي الحقيقي من الصيام، وهو تهذيب النفس وتخليصها من شحها وطمعها، والله عز وجل يقول: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر/9.


الإسراف مذموم، ليس في مقتضى الشريعة فحسب، بل في منطق العقل والعادة أيضا؛ لأن لسان حال المبذر يشرح استخفافه بنعمة الله، واستكباره على الخلق، وسوء تصرفه وتدبيره؛ ولهذا وصف الله عز وجل المسرفين بأشنع الأوصاف حين قال: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/26-27، وحذر عز وجل من عاقبة التبذير في الدنيا والآخرة فقال سبحانه: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) الإسراء/29.


ونحن إذ نقرر ما سبق نذكِّرُ أيضا بالمآسي التي يعانيها كثير من الناس في بلاد المسلمين، حيث لا يجدون قوت يومهم وليلتهم فضلا عن متع الطعام والشراب التي يتباهى بها المبذرون، ويعانون أنواع الأسقام وأحوال المشقة لفقرهم وحاجتهم، وقد روي في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللهِ تَعَالَى) رواه الإمام أحمد.


فالمسلم الحقيقي هو الذي يحمل الكَلَّ، ويكسب المعدوم، ويعين على نوائب الدهر، كما كان عليه الصلاة والسلام، فهو قدوتنا في الإحسان إلى الخلق، ورحمة أهل الأرض كلهم، وقد كان عليه الصلاة والسلام يبيت طاويا من الجوع، ويربط على بطنه الحجارة، ويمر عليه الهلال والهلالان ولا يوقد في بيته نار.


فكيف يهنؤ بعد ذلك مَن يُضاعف نفقته لتحصيل أنواع الطعام والشراب والملذات التي مآلها الهدر والضياع، وكيف يحقق معاني التقوى التي شرع الصيام لأجلها، وكيف يطيب عيشه وحوله المساكين الذين لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم وعيالهم!؟


نسأل الله تعالى أن يعلمنا من رمضان دروس الإحسان، ويجنبنا مزالق الإسراف والتبذير. والله أعلم.

 

رقم المقال [ السابق | التالي ]

اقرأ للكاتب



اقرأ أيضا

المقالات

   نصائح مهمة في الصيام

   حوار مع سماحة المفتي العام

   رمضان مدرسة التقوى

   ليس رمضان كغيره

   رمضان شهر القرآن

الفتاوى

   صلاة القيام والتهجد والتراويح والفرق بينها

   حكم صيام الزوجة دون إذن الزوج يختلف بحسب نوع الصوم

   حكم الجمع بين قضاء رمضان والستة من شوال

   الأصل بقاء الطهارة ما لم يُتيقن غير ذلك

   حكم الإسراف في الماء


التعليقات



تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا


Captcha