الشهيد في الإسلام هو من قتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا قال تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) البقرة/154، وسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل للمغنم أو سمعةً أو شجاعةً أيّها في سبيل الله، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِي الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) متفق عليه.
إذن، كيف يكون قتال المسلم للمسلم شهادة؟!، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ) رواه الترمذي.
ومن دعا إلى ما فيه قتل أو تخريب فقد ارتكب إثماً عظيماً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم.
والشريعة الإسلامية حرمت قتل النفس الإنسانية إلا بالحق، وحرمت الاعتداء على الأموال والأعراض والممتلكات، فكيف نقول للمسلم الذي يلتقي مع أخيه المسلم هذا شهيد وهذا في النار! قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/119. ولذلك لا يجوز للمسلم أن يحرض المسلمين على قتال بعضهم بعضاً ثم يقول: هذا شهيد وهذا في النار، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) متفق عليه.
كلنا يعلم بأن الأردن أباح في الأشهر الماضية لكل إنسان أن يعبِّر عن حريته ورأيه وفكره، وعامل المتظاهرين بالإنسانية والأخلاق، وكان المتظاهر يمشي مع رجال الأمن جنباً إلى جنب، يسيرون مع بعضهم باحترام وتقدير، فالمتظاهر يعبّر عن فكره، ورجل الأمن يحفظ المتظاهرين من الأعداء والمندسين حتى لا يتعرض الجميع للفتنة والمكر، (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) فاطر/43.
إن المتظاهرين ورجال الأمن إخوة وأقرباء، بينهم مودة ورحمة، وكلٌّ يحترم الآخر، وهذا ما رأيناه سابقاً على أرض الواقع.
فالواجب الشرعي يتطلب من العلماء والمفكرين أن يحذروا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن؛ لأن الفتن لها أثر سيء على الجميع،قال تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الأنفال/25.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنِ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ) رواه أبو داود.
كما يجب على العلماء أن يدعوا الناس إلى المحافظة على الأرواح والأعراض والممتلكات، والمحافظة على وحدة الصف الإسلامي والبعد عن التفرقة والتنازع، (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال/46.
إننا ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك لندعوا إلى التآلف وتطهير القلوب من أمراضها، وإزالة كل أنواع البغضاء والشحناء بين أبناء الأمة الواحدة، وأن نعتبر مما يجري في كثير من البلاد من إراقة الدماء المعصومة والاعتداء على الحرمات.
وهذه دعوة إلى مساعدة الفقراء والمساكين، ومعاونة المرضى والمحتاجين، وأن نحذّر الناس من الخوض في الكلام الفاحش والباطل، ونحضّهم على الالتزام بالأخلاق الفاضلة والسلوك المستقيم، خاصة ونحن نستعد لاستقبال الشهر الكريم، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) متفق عليه، فالواجب دعوة الناس إلى الكلمة الطيبة، لأن الكلمة الطيبة صدقة.
نسأل الله تعالى أن يحفظنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعل هذا البلد آمناً مستقراً، وسائر بلاد المسلمين.
والحمد لله رب العالمين