السؤال:
خالتي من سكان إحدى الدول العربية، توفى زوجها، ولها بعض المحارم يسكنون قريبا منها فتأمن على نفسها، ولكنها أصرت على السفر والمجيء إلى عمان أثناء العدة، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن الواجب على المرأة التي توفي عنها زوجها أن تعتد في منزل الزوجية التي جاء نعي زوجها وهي مقيمة فيه، سواء كان المنزل ملكا لزوجها أو مستأجرا، ودليل ذلك قول الله عز وجل: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) الطلاق/1.
وأيضا يدل عليه حديث الفريعة بنت مالك - وهي أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما - أنها قتل زوجها فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن ترجع إلى أهلها؛ لأن زوجها لم يترك لها منزلا يملكه ولا نفقة، فلم يقبل صلى الله عليه وسلم عذرها وقال: (امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ. قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) رواه أبو داود (رقم/2300)، وصححه العلماء.
وتستحق المرأة المحدة أجرة سكن الزوجية الذي كانت فيه مِن تركة زوجها، حتى تنقضي عدتها، وذلك التزاما بحكم الشريعة القاضي ببقائها في هذا المنزل، كما ذهب إليه بعض الفقهاء من أن لها حق السكنى.
ولذلك فقد كان الواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها - كما ورد في السؤال - البقاء في منزل الزوجية أينما كان هذا المنزل، واجتناب السفر أثناء العدة؛ لأنها غير مضطرة لذلك مع وجود محارمها عندها، فقد اتفق الفقهاء أيضا على تحريم سفر المرأة أثناء عدتها، ولكن - أَمَا وقد وقعت المخالفة - فالذي يلزمها الآن هو التوبة والاستغفار والندم على ما كان، والله عز وجل يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، كما يلزمها العودة إلى بيت الزوجية الذي هو الأصل في قضاء العدة.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله: "ثم يجب عليها بعد قضاء حاجتها الرجوع في الحال لتعتد البقية من العدة في المسكن الذي فارقته؛ لأنه الأصل في ذلك" انتهى. "مغني المحتاج" (5/108) والله أعلم.