السؤال:
هل يجوز أن يقضي الزوج كل وقته في الصلاة في الجامع ولا يجالس زوجته مطلقاً؛ وإذا عاد للمنزل يعتكف ويقرأ القرآن فقط؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الإسلام يدعو المسلم إلى أن يعطي كل ذي حق حقه، ولا يقصر في أي من واجبات الدين والدنيا، ودليل ذلك الحديث الصحيح الذي يرويه الإمام البخاري رحمه الله بسنده قال: (آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً-أي تلبس لباس المهنة ولا تتزين لزوجها- فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا.
فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ. فَأَكَلَ.
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ قَالَ: نَمْ. فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمْ الْآنَ. فَصَلَّيَا.
فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.
فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ سَلْمَانُ)
فينبغي على الزوج أن يؤدي ما يلزمه من واجبات تجاه زوجته وأبنائه، من معاملة طيبة، ومعاشرة حسنة، ومجالسة ومحادثة، يقول الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) 19/النساء.
ولعل في الإحسان إلى الأهل من الأجر ما يفوق أداء بعض نوافل العبادات، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي )
رواه الترمذي (3895) وقال: حسن غريب صحيح.
ومن حق الزوجة على زوجها أن يجلس معها، ويلاطفها، ويداعبها بالطيب والبريء من القول والفعل، كالسمر المهذب، والرحلة البريئة، فيروِّحُ بذلك عن نفسها، ويُطيِّبُ قلبها، وينشطها للعمل، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب أهله، ويلاطف أزواجه، حتى إنه ليسابق السيدة عائشة رضي الله عنها فيسبقها تارة، وتسبقه أخرى، فيقول عليه الصلاة والسلام: (هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ) رواه أبوداود (رقم/2578)
كما نوصي الزوجة بتقوى الله تعالى، والصبر على زوجها، إذ يبدو من سؤالها أنه رجل صالح تقي، يقل وجود أمثاله في هذه الأيام، وإنما يحتاج إلى قليل من التذكير والنصح لعله يلتفت إلى زوجته وأبنائه بمزيد من العناية. والله أعلم.