السؤال:
كيف تكون معاملة الأسر الحاضنة للأطفال مجهولي النسب، في سن المراهقة وبعد البلوغ، وما هي الآلية لمراقبة سلوك الأسر التي أسلمت وحضنت طفلاً مسلماً؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله:
في البداية أشكر الأسر الكريمة التي تضم إليها أطفالاً مجهولي النسب، وأؤكد على أنه لا يجوز أن يُفترض فيهم أنه نتيجة عمل خاطئ (أولاد حرام)؛ فإن هذه التهمة لا أساس لها، ومن الإثم أن نلصقها بهؤلاء الأطفال البريئين؛ فالدنيا أحوالها كثيرة، والإحسان إليهم واجب على المجتمع، والذين يقومون بحضانتهم يقومون بفرض كفاية عن المسلمين يثابون عليه ثواب كفالة اليتيم.
أما كيفية تعامل العائلات المحتضِنة مع الأطفال المحتضَنين، فإن التحريم بين الرجال والنساء، إما أن يكون بالنسب أو الرضاع أو المصاهرة، وبغير هذا يسمى الرجل أجنبياً بالنسبة للمرأة وإن كانت قد ربَّته، وتسمى المرأة أجنبية بالنسبة للرجل وإن كان قد ربَّاها، ولذا تجب مراعاة الحِشمة في تعامل الأسر الحاضنة مع مجهولي النسب الذين يربَّونهم، فلا ينظر الرجل إلا إلى الوجه والكفين من المرأة، سواء كانت مربية أو محضونة، ولا تنظر المرأة إلا إلى ما يبدو أثناء العمل من الرجل سواء كان مربياً أو محضوناً، فلا تجوز الخلوة بهؤلاء المحضونين، ولا ننسى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
ولا ننسى أيضاً ما قصَّه الله علينا في القرآن من خبر امرأة العزيز مع يوسف عليه السلام، وأما فتنه الرجال بالنساء فهي معروفة.
صحيح أن المجتمع فيه الكثير من الشرفاء العفيفين، لكن فيه أيضاً بعض الفسقة الذين لا يعفّون عن المحارم، ولكن الشرع يغلق الباب على آلاف الشرفاء كي لا يدخل فاسق واحد وهذا ما يسمى: (سد الذرائع).
وأما بالنسبة للأسر التي أسلمت حديثاً فيجب الاحتياط في إعطائهم الأطفال، فلا يكفي أن تكون الأسرة مسلمة بموجب القيود الرسمية، بل لا بد أن تكون ملتزمة بأحكام الشريعة، فإن الأم بالنسب والأب بالنسب لا يستحقان حضانة الطفل إذا كانا فاسقين لا يؤتمنان على دين الطفل، فكيف بمن له جذور غير إسلامية؟!
ولذا يجب على الوزارة متابعتهم، سواء كانوا داخل المملكة باعتبارها صاحبة الولاية عليهم -نيابة عن ولي الأمر- أو خارج المملكة من خلال وزارة الخارجية باعتبارهم رعايا أردنيين.
والطفل إذا كان مجهول النسب في مجتمع فيه مسلمون وغيرهم يحكم بإسلامه، ولذا يجب الحرص على دينه، فلا يسلّم إلا لمن يحفظ دينه ونفسه وكرامته.
أما اليتيم الذي له أهل معروفون فكفالته ونفقته تجب على ذويه، حسب ما يقضي به القاضي الشرعي.
هذا وإن مما يجب أن يهتم به المجتمع هؤلاء الأطفال الذين لا ناصر لهم إلا الله، وقد جاء في الحديث القدسي: (اشتد غضبي على مَن ظلم من لا يجد له ناصراً غيري) رواه الطبراني.
وإذا غضب الله على من أساء إلى ضعيف فإنه يرضى على من أحسن إليه وأنصفه وأشعره بكرامته. والله تعالى أعلم.