الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله:
الأصل أن كل ما تجمعه لجنة التبرعات باسم نفقات وإصلاحات المسجد يجب أن يرصد لمصلحة المسجد، فهو كالموقوف على المسجد، وكل ما يوقَف لمصلحة المسجد يراعَى في تنفيذه نصُّ الواقف له؛ لأن شرطه مُعتَبَر ما لم يخالف الشريعة الإسلامية.
وما يوقف لمصلحة المسجد ينقسم من جهة المستفيد منه إلى قسمين:
القسم الأول: ما يختص بذات المسجد وما فيه كالفرش والأدوات الكهربائية، وأدوات التدفئة، والكتب النافعة.
وعلى ناظر الوقف -أي: وزارة الأوقاف وينوب عنها لجنة رعاية المسجد- تنفيذ شرط الواقف في هذا:
فإن نصَّ الواقف على أن ريع الوقف للمسجد مطلقاً: فللناظر أن يشتري للمسجد ما يحتاجه من هذه الأشياء، وأن ينفقه على إصلاح المسجد وترميمه عند الحاجة، وإصلاح مرافقه، ثم يدخر ما زاد من ريع الوقف لعمارة المسجد وصيانته.
وإِنْ نَصَّ الواقف أو المتبرع على أنه من أجل عمارة المسجد: يصرف على البناء فقط، ومنه بناء المنارة، وصناعة الأبواب والنوافذ، ونحوها، مما يعتبر من البناء.
القسم الثاني: ما يوقف لمصلحة القائمين على المسجد كسكن الإمام أو المؤذن أو الخادم:
فإِنْ نصَّ المتبرع أو الواقف على أنها وقف على القائمين على المسجد: صرفت في سكن الإمام أو المؤذن أو الخادم، وترميمه وعمارته وما يحتاج إليه.
وبناء عليه فإنه لا يجوز شرعاً تمديد تدفئة مركزية لسكن الإمام والمؤذن من الأموال التي تجمع باسم نفقات وإصلاحات المسجد -كما ورد بنص السؤال-؛ لأنها مرصودة لذات المسجد، ولا يجوز إنفاقها لغيره كسكن الإمام أو المؤذن.
أما إذا جمعت هذه التبرعات على أنها لمصلحة القائمين على المسجد، فيجوز حينئذ صرفها لصيانة سكن الإمام أو المؤذن أو تمديدات التدفئة، أو التمديدات الكهربائية، وبشرط أن يكون ذلك بإذن وموافقة ناظر الوقف، وهو في هذا البلد وزارة الأوقاف، والتي ينوب عنها لجنة رعاية المسجد، على أن تمديد التدفئة يكلِّفُ وزارةَ الأوقاف أموالاً لإدامة التدفئة ونفقة زائدة في الوقود، وهذه أيضاً تحتاج إلى إذن الوزارة. والله تعالى أعلم.
تعقيب:
تعقيبا على ما ورد في الفتوى أعلاه، اتصل بنا بعض إخواننا الأئمة حفظهم الله، وأخبرونا بأن لجنة رعاية المسجد عندما تجمع التبرعات لا تُبَيِّنُ للناس أنها تجمع لذات المسجد، أو لمرافقه كدار الإمام وغيره، والناس يدفعون تلبية لطلب اللجنة، فهل يجوز الإنفاق مما جُمِعَ على دار الإمام أو المؤذن، فهي تابعة للمسجد وليست ملكا للإمام، والناس يهمهم أن يتصدقوا وينفق المال حسب رأي اللجنة في أمور ليست شخصية، بل مما تجوز فيه الصدقة؟
بناء على ما ذكره الإخوة الأئمة، فإن الأمر متروك إلى ما تراه اللجنة باعتبارها مفوَّضَةً بالتصرف من قبل ناظر الوقف - وزارة الأوقاف - وعليهم أن يراعوا مصلحة المسجد ومرافقه - ومنها دار الإمام والمؤذن - فيما ينفقون من التبرعات، وحبذا لو كان طلبهم للتبرع باسم: "مصالح المسجد"؛ لأن من مصلحة المسجد الإنفاق على السكن التابع له. والله أعلم.