فتاوى بحثية

الموضوع : يحرم الاستهزاء بالفتاوى الشرعية
رقم الفتوى: 3951
التاريخ : 24-02-2025
التصنيف: الدعوة والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

ما حكم الاستهزاء بالفتوى؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

الفتوى: هي بيان حكم الله تعالى في مسألةٍ واقعةٍ، أو فيما أشكل من أحكام الشرع، فهي إخبار عن الله سبحانه وتعالى، ولذلك أطلق العلماء على المفتين لقب الموقعين عن الله تعالى، وبهذا تكون الفتوى شعيرة من شعائر الدين، بل هي من أعظم الشعائر، فالله تبارك وتعالى نسبها إليه، قال الله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} [النساء: 176].

وكذلك كانت من مهام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الصحابة يستفتونه في أمورهم، ففي الحديث الشريف: عن زياد بن أبي سودة، عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، فقال: (ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ) وَكَانَتِ الْبِلَادُ إِذْ ذَاكَ حَرْبًا، (فَإِنْ لَمْ تَأْتُوهُ وَتُصَلُّوا فِيهِ، فَابْعَثُوا بِزَيْتٍ يُسْرَجُ فِي قَنَادِيلِهِ) رواه أبو داود، وعن أبي ثعلبة قال: يا رسول الله، أَفْتِنَا فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ إِذَا اضْطُرِرْنَا إِلَيْهَا؟ قَالَ: (إِذَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهَا فَاغْسِلُوهَا بِالْمَاءِ، وَاطْبُخُوا فِيهَا) رواه الإمام أحمد. 

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ الْبِتْعُ وَهُوَ مِنَ الْعَسَلِ، يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَالْمِزْرُ وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ، يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ بِخَوَاتِمِهِ، فَقَالَ: (أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنِ الصَّلَاةِ) رواه الإمام مسلم.

فيجب على المسلم تعظيم شأن الفتوى، يقول الله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب} [الحج: 32]، والاستهزاء بها أو الانتقاص منها، أو اللمز بها، إنما هو في حقيقته استهزاء بحكم الله تعالى، وهو حرام شرعاً، وأما الاستهزاء بها من حيث هي بيان للحكم الشرعي، أو من حيث تضمنها لآيات الله تعالى؛ فهو مهلكة، قد تعرض صاحبها للخروج من الدين -والعياذ بالله-، يقول الله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231]، ويقول الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65-66].

فيحرم أن تكون الفتاوى محلاً للتندر والاستهزاء، وإن كان ثمة رأي مخالف في بعض الفتاوى، فيكون عرضه ونقاشه مع العلماء، ولا يكون الرد عليها بالاستهزاء واللمز والسخرية ممن أصدرها، فلحوم العلماء مسمومة. 

وعليه؛ فيحرم الاستهزاء بالفتاوى والسخرية منها، والتهكم بها وبمن أفتى بها، فهي من شعائر الدين التي يجب تعظيمها. والله تعالى أعلم



للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف السابق
رقم الفتوى السابق



التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا