الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يكره للعبد الحلف بغير الله تعالى كالحلف بأحد المخلوقات حتى لو كان من الأنبياء أو الأولياء، ولا يعدُّ الحلف بغير الله تعالى كفراً أو معصية عندنا، أما ما نقل عن الإمام الشافعي رحمه الله قوله: "أخشى أن يكون معصية" فمحمول على الزجر عنه والتنفير منه؛ لأنه مكروه، قال إمام الحرمين الجويني رحمه الله: "والأصح القطع بأنه مكروه وليس بمحرَّم، ولفظ الشافعي محمول على مبالغات المتحرجين" [نهاية المطلب 18/ 302].
فعلى المسلم أن يحفظ لسانه من الحلف بغير الله تعالى، وإن وقع في ذلك فيندب له التوبة والاستغفار مراعاة للخلاف، ولا تنعقد اليمين بالحلف بغير الله، وليس فيها كفارة، جاء في [حاشية الجمل على شرح المنهج 5/ 288]: "لا تنعقد بمخلوق كـ وحق النبي والكعبة، وتُكره لخبر: (إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَسْكُتْ)".
وقال شيخ الإسلام الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "والذي في شرح مسلم عن أكثر الأصحاب الكراهة وهو المعتمد وإن كان الدليل ظاهراً في الإثم، قال بعضهم: وهو الذي ينبغي العمل به في غالب الأعصار لقصد غالبهم به إعظام المخلوق ومضاهاته لله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً" [تحفة المحتاج 4/ 10].
هذا؛ والواجب على المسلم أن يلتزم الصدق والأمانة في جميع أقواله وأفعاله مهما كانت الظروف المحيطة به، واجتناب الكذب في جميع شأنه، فالله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]، وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) رواه البخاري.
ولا تخفى حرمة الكذب والغش والتزوير من أجل الحصول على مكاسب دنيوية، فالكذب والغش من عظائم الذنوب.
أما حكم الراتب الذي يتحصل عليه الموظف بسبب عمله الفعلي بهذه الوظيفة فهو حلال شرعاً، طالما أنه متحصل من عمل مباح شرعاً؛ فالإثم متعلق بتقديم سيرة ذاتية أو شهادة خبرة بما يخالف الواقع والحقيقة ولا يتعلق بالمال المكتسب. والله تعالى أعلم.