الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل جواز صلاة النافلة للإنسان قاعداً ومضطجعاً، ويستحب للمضطجع أن تكون على شقه الأيمن وإن كان قادراً على القيام، قال الشيخ سعيد باعشن الشافعي رحمه الله: "ويتنفل القادر على القيام قاعداً إجماعاً؛ لكثرة النوافل، ومضطجعاً وعلى اليمين أفضل" [بشرى الكريم/ ص 202]، لكن القاعد له نصف أجر القائم، والمضطجع له نصف أجر القاعد؛ لما روي عن عمران بن حصين قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدًا، فقال: (إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ) رواه البخاري، فإن كان عاجزاً عن القيام فلا ينقص أجره، يقول الإمام الشربيني رحمه الله: "ومحل نقصان أجر القاعد والمضطجع عند القدرة، وإلا لم ينقص من أجرهما شيء" [مغني المحتاج 1/ 352].
فمن صلى النفل قاعداً أو مضطجعاً -وكان قادراً على الإتيان بالركوع والسجود- فيجب عليه أن يأتي بالسجود على هيئته المعهودة من السجود على الجبهة والكفين والركبتين والقدمين ولا يصح منه الإيماء، وهيئة ركوع القاعد تكون بأن ينحي إلى الأمام بحيث يقابل بجبهته ما جاوز ركبتيه وهذا أقله، أما أكمله فيكون بمقابلة موضع سجوده، قال الإمام الشربيني رحمه الله: "ثم ينحني المصلي قاعداً لركوعه بحيث تحاذي -أي تقابل- جبهته ما قدام ركبتيه، وهذا أقل ركوعه، والأكمل أن تحاذي موضع سجوده" [مغني المحتاج 1 / 350]، أما المضطجع القادر؛ فعليه أن يركع ويسجد كالقاعد، ولا يصح منه الإيماء، قال الشيخ سعيد باعشن الشافعي رحمه الله: "ويقعد من صلى مضطجعاً وجوباً إن قدر للركوع والسجود ولا يومئ بهما" [بشرى الكريم/ ص 202].
وعليه؛ فمن صلى النفل جالساً أو مضطجعاً مع قدرته على القيام؛ صحت صلاته، ووجب عليه الركوع من الجلوس، بأن يقابل بجبهته أمام ركبتيه في أقله، إلى مقابل موضع سجوده في أكمله، وأن يسجد السجود المعهود، وليس له الإيماء بالسجود. والله تعالى أعلم.