الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
من ملك قدراً من المال بالغاً النصاب وحال عليه الحول؛ وجب عليه أن يُخرج الزكاةَ لمستحقيها، بصرف النظر عن السبب الذي لأجله تم ادخار المال، وقد حدد الله تعالى مصارف الزكاة في القرآن الكريم؛ فقال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60]، ولـما رواه أبو داود عن زياد بن الحارث الصدائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل فقال: أعطني من الصدقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ، حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ).
ويشترط في إخراجها أن لا يخرجها لنفسه؛ لأن إخراجها للنفس لا يعد إخراجًا ولا تمليكًا، فهو لا يكون مزكيَّاً ومستحقاً للزكاة في آنٍ واحدٍ، ولا لمن تلزمه نفقته بصفته فقيرًا كان أو مسكينًا.
قال الإمام الشربيني رحمه الله في بيان الأصناف الذين لا يستحقون الزكاة فقال: "والرابع من تلزم المزكي نفقته بزوجية أو بعضية لا يدفعها إليهم باسم أي من سهم الفقراء، ولا من سهم المساكين؛ لغناهم بذلك، وله دفعها إليهم من سهم باقي الأصناف إذا كانوا بتلك الصفة" [الإقناع بشرح ألفاظ أبي شجاع 1/ 232].
وعليه؛ فلا يجوز للمزكي الأخذ لنفسه من زكاة ماله، ولا أن يعطيها لمن تلزمه نفقتهم-كالوالدين والزوجة والأولاد الصغار- باسم الفقر والمسكنة؛ وهو يملك من المال المدّخر ما يستطيع أن يأخذ منه لنفقاته. والله تعالى أعلم.