الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الواجب على المسلم المحافظة على أداء الصلاة على وقتها ما أمكن، لقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) [النساء: 103]، ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: (الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا) رواه البخاري.
والطبيب إذا أمكنه تأخير إجراء العملية أو أداء الصلاة قبلها أو بقي بعد الانتهاء منها وقت يتسع لأداء الصلاة حرم عليه التأخير.
أما إذا تعذر ذلك، فقد أجاز الفقهاء رحمهم الله تعالى تقديم الصلاة أو تأخيرها للحاجة أو إذا خاف عند أدائها في وقتها فوات واجب شرعي، أو فوات منفعة طلب الشارع المحافظة عليها، كفوات نفس أو مال أو عرض.
قال الإمام الرملي رحمه الله في [حاشيته على أسنى المطالب 1/ 274]: "قوله كتأخيرها للجمع، يجري هذا كما قال صدر الدين الجزري في الاشتغال بإنقاذ الغريق، ودفع الصائل عن نفس أو مال، والصلاة على ميت خيف انفجاره."
وجاء في [بغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض الأئمة من المتأخرين 2/ 275]: "حكى الخطابي عن أبي إسحاق جوازه في الحضر للحاجة، وإن لم يكن خوف، ولا مطر، ولا مرض، وبه قال ابن المنذر".
وفي [الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 2/ 336] من كتب السادة الحنابلة: "يجوز الجمع لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة، كخوفه على نفسه، أو حرمه، أو ماله، أو غير ذلك. انتهى. وقد قال أحمد في رواية محمد بن مشيش: الجمع في الحضر إذا كان عن ضرورة مثل مرض أو شغل. قال القاضي: أراد بالشغل ما يجوز معه ترك الجمعة والجماعة من الخوف على نفسه أو ماله. قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين: وهذا من القاضي يدل على أن أعذار الجمعة والجماعة كلها تبيح الجمع... قلت: صرح بذلك في الوجيز. فقال: ويجوز الجمع لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة".
وعليه، فإذا انشغل الطبيب بإجراء عملية جراحية، وتعذر عليه معها أداء الصلاة في وقتها خوفاً على المريض، جاز له أن ينوي جمعها تأخيراً. والله تعالى أعلم