الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل في وفاء القرض بالذهب أن يرد الذهب ذهباً بمقداره ووزنه وصفته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا) رواه مسلم، هذا إذا كانت الزيادة مشروطة، فإن زاد من دون شرط ولا اتفاق على الزيادة فيعد من حسن القضاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً) رواه مسلم.
فإذا تم اقتراض قطعة ذهب معلومة الوزن والنوع والصفة، وجب ردُّ مثلها وزناً وصفة ونوعاً، أما إذا اشترط المقرض تضمين أجرة الصياغة على المقترض فلا يجوز؛ لأن إضافة أجرة الصياغة الزائدة من الربا، فالذهب من الأموال الربوية التي يجب تحقق المماثلة في مبادلته بجنسه، والعبرة بتساوي الوزن الحقيقي للذهب الصافي، ولا عبرة للجودة والصياغة عموماً؛ لأن الأدلة الشرعية اشترطت المماثلة، ولم تتعرض للوصف الذي يسبب اختلاف القيمة.
قال شيخ الإسلام الإمام التقي السبكي رحمه الله: "أما الجودة فقد أسقطها الشرع حيث قال: "جيدها ورديئها سواء" [تكملة المجموع شرح المهذب 10/ 70]، ولا يؤثر في الحكم تفاوت الجودة بين الذهب الجديد والقديم، فلا عبرة بهذا التفاوت، وإنما العبرة بتساوي وزن الذهب الصافي في محل العقد، فلا يضر رد قطعة جديدة بدلاً من واحدة قديمة بشرط التماثل وزناً وصفة.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: "لا خير في أن يصارف الرجل الصائغ الفضة بالحلي الفضة المعمولة ويعطيه إجارته؛ لأن هذا الورق بالورق متفاضلاً" [الأم 3/ 35].
وعليه؛ فالذهب من الأموال الربوية التي يجب تحقق المماثلة في مبادلته بجنسه، والعبرة بتساوي الوزن الحقيقي للذهب الصافي، ولا عبرة للجودة والصياغة عموماً. والله تعالى أعلم.