الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، ولا يخرج الحاج من الحج إلا بفعله، وهذا الركن ليس له وقت انتهاء كما قال الفقهاء، بل لا يخرج وقته مدى الحياة، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله -في تعداد أركان الحج-: "والطواف والسعي لا آخر لوقتها"، وعلَّق عليها الإمام الخطيب الشربيني رحمه الله قائلاً: "ويبقى من هي عليه محرماً" [مغني المحتاج 6/ 62].
فإن كان الأمر كما جاء في السؤال، فإنك ما زلت مُحْرِماً، وقد تحلَّلت التحلُّل الأول الذي يُحِلُّ كلَّ محظورات الإحرام إلا ما يتعلق بالنساء، فإن كنت مستطيعاً وقادراً على إتمام المناسك فيجب عليك الرجوع إلى مكة -ولا شيء عليك في مجاوزتك للميقات؛ لأنك ما زلت محرماً- وتأتي البيت فتطوف طواف الإفاضة، ثم تسعى بين الصفا والمروة -إن كنت حججت متمتعاً- ليصح حجك، وتتحلَّل بذلك التحلُّل الثاني.
أما إن كنت غير قادر على إتمام مناسك الحج، وأصبحت في حكم المعضوب -وهو الميؤوس من قدرته على الحج بنفسه- فيجوز أن توكل من يتمّ ما بقي من المناسك؛ كالطواف والسعي، وقد سئل شيخ الإسلام الإمام الشهاب الرملي الشافعي رحمه الله عن حاج ترك طواف الإفاضة وجاء إلى مصر مثلاً، ثم صار معضوباً بشرطه، فهل يجوز له أن يستنيب في هذا الطواف أو في غيره من ركن أو واجب؟ فأجاب: "بأنه يجوز له ذلك بل يجب عليه؛ لأن الإنابة إذا أجزأت في جميع النسك ففي بعضه أولى" [فتاوى الرملي 2/ 93].
أما بالنسبة لحكم طواف الوداع؛ فقد اختلف فيه العلماء بين الوجوب والندب، فيمكننا الأخذ بالندب تيسيراً على المستفتي، فلا يجب عليك ذبح شاة لتركك طواف الوداع، ولا تعد محصراً؛ لأن المرض لا يعد سبباً للإحصار، ولأنك وقفت بعرفة ومضيت في حجك. والله تعالى أعلم.