الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل أن كل ما يوضع في المسجد وقفاً لله تعالى يطبق عليه أحكام الوقف، والوقف في الشريعة الإسلامية له أحكام وشروط خاصة تجعل من الشيء الموقوف مسبّل المنفعة للموقوف عليهم، غير مملوك لأحد، ولا يحلُّ لأحدٍ أن يتصرف فيه بغير وجه مشروع أياً كان، وما يوضع في المساجد من أثاث ونحوه بقصد نفع المسلمين تعطى حكم الوقف، من حيث بقاء نفعها على عموم المسلمين، وكل ما وقف على مسجد معين الأصل بقاؤه فيه، ولا يجوز نقله إلا لمسوغ شرعي، احتراماً لإرادة الواقف، فلا يجوز التصرف بالموقوف بيعاً وشراء وهبة، كما لا تجوز إعارته لجهة خاصة؛ لأنّ فيها تعطيلاً لمقصوده وهو أنه مرصود لعموم نفع المسلمين.
وأما الأدوات الموقوفة التي بليت أو تم جلب مثيل لها يقوم مقامها في منفعة المصلين كالسجاد والكتب وغيرها، فيجوز بيعها أو نقلها إذا ثبت تعذر الانتفاع بها في نفس المسجد، مع كونها تشكل عبئاً على المسجد؛ لأن في نقلها لمسجد آخر تحقيق للغرض من الوقف وإن كان في غير المحل المحدد، وفي عدم النقل تفويت الانتفاع بالكلية.
قال الإمام النووي رحمه الله: "حُصُر المسجد إذا بليت، ونحاتة أخشابه إذا نخرت، وأستار الكعبة إذا لم يبق فيها منفعة ولا جمال، في جواز بيعها وجهان: أصحهما: تباع لئلا تضيع وتضيق المكان بلا فائدة" [روضة الطالبين 5/ 357]، وجاء في [إعانة الطالبين 3/ 215]: "ونقل نحو حصير المسجد وقناديله كنقل آلته: أي في أنه إن لم يحتج المسجد إليه جاز نقله إلى مسجد آخر، وإلا فلا يجوز".
مع التنبيه على أن القرار في هذه المسائل يرجع إلى الجهات المسؤولة عن أموال الوقف، فهي التي تقرر الأنسب والأصلح. والله تعالى أعلم.