الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
فرض الله تعالى الحج والعمرة مرة واحدة في العمر، فإن عجز المكلف عن الذهاب للحج أو العمرة لمرض لا يُرجى زواله، أو كبر سنٍّ جاز له الإنابة فيهما، قال العلامة الشرواني الشافعي رحمه الله: "فتحصل جواز إنابة المعضوب في الفرض والنفل، بل يجب في الفرض، وجواز الحج عن الميت في الفرض مطلقا، وفي النفل إن أوصى به، ويمتنع إنابة القادر مطلقا" [حاشية الشرواني على تحفة المحتاج 4/ 28].
والمعضوب هو من عجز عن الحج بنفسه عجزاً لا يرجى زواله لكبر، أو زمانة، أو مرض لا يرجى زواله، أو كان كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة إلا بمشقة شديدة. [المجموع شرح المهذب 7/ 94].
ولا يخفى أن العضب يمنع الاستطاعة بالنفس، فتتجه استطاعة التحصيل بالغير بشروطها، فإذا تحقق العضب فيجوز، ويشترط إذن المعضوب للحج أو الاعتمار؛ لأنه حي وله إرادة واختيار، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "لا يجزئ الحج عن المعضوب بغير إذنه...؛ لأن الحج يفتقر إلى النية، وهو أهل للإذن" [روضة الطالبين 3/ 14]، أما إذا كان المرض عارضاً ويُرجى زواله؛ فلا يجوز أن يُحج أو يُعتمر عنه.
ولا بأس في أن تكون هذه العمرة بنية الشفاء؛ لأن طلب الشفاء من الله عز وجل هو دعاء، ويستحب أن يقدم المسلم عملاً صالحاً بين يدي دعائه.
وعليه؛ فيجب على من لزمه الحج أو العمرة (تحقق له الاستطاعة) ثم عجز عن الأداء بنفسه أن ينيب غيره لتحصيلهما، ويجوز للعاجز إنابة غيره في حج النافلة وعمرتها، ومن أراد أن يحج أو يعتمر عمن كان عاجزاً فعليه أن يستأذنه؛ لتصح الإنابة، وبشرط أن يكون قد حج أو اعتمر عن نفسه. والله تعالى أعلم.