الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
اهتم الإسلام بالنظافـة الفردية لكل مسلم، ودعا الناس إلى الالتزام بالطهارة، وإزالة الأقذار، والعناية بالمظهر، وقد أذن النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة بالدخول لحمامات الشام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الْأَعَاجِمِ، وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ، فَلَا يَدْخُلْهَا الرِّجَالُ إِلَّا بِإِزَارٍ، وَامْنَعُوا النِّسَاءَ أَنْ يَدْخُلْنَهَا، إِلَّا مَرِيضَةً، أَوْ نُفَسَاءَ) رواه أبو داود.
والمراد بالحمام هنا الحمام العام الذي يغشاه الناس كافة، وهو يقصد للتنظف والتطبيب، ومنها ما يشبه مراكز علاج السمنة والبدانة الموجودة الآن بواسطة حمامات البخار، والتدريبات الرياضية.
ويكره للنساء الدخول إلى هذه الأماكن بلا عذر؛ كأن تحتاج للدخول إليها للعلاج أو للنظافة التي لا تمكن إلا بهذه الطرق ونحوه، فقد شدد الإسلام على ضرورة التزام المرأة الحشمة في اللباس، وستر العورة، وعدم خلع ثيابها خارج بيتها إلا للحاجة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا، فَقَدْ هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه، وقال عنه العلماء: حديث صحيح.
أما إذا دعت الحاجة لدخول المرأة لهذه الأماكن فيجب عليها أن تتأكد أن جميع من يقوم على هذه الأماكن من النساء فقط، مع وجوب التزامها بحدود العورة أمام النساء الأجنبيات، وعدم التساهل باللباس الذي يكشف غالب جسمها، أو لمس مناطق العورة دون ضرورة، مع غض البصر عن عورات باقي النساء الموجودات.
جاء في [مغني المحتاج 1/ 224] من كتب الشافعية: "يباح للرجال دخول الحمام، ويجب عليهم غض البصر عما لا يحل لهم، وصون عورتهم عن الكشف بحضرة من لا يحل له النظر إليها... وأما النساء فيكره لهن بلا عذر؛ لخبر (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى) رواه الترمذي وحسنه".
وعليه؛ فالأصل أن تحرص المرأة على اجتناب الأماكن التي تستدعي أن تخلع فيها ثيابها، فإن دعت الحاجة إلى الدخول إلى مثل هذه الأماكن لأجل الاستطباب والنظافة، فعليها الالتزام بغض البصر وستر العورة، ولا حرج على المرأة في العمل في هذه الأماكن مع مراعاة الضوابط الشرعية من غض البصر وعدم التساهل بلمس النساء إلا بقدر الحاجة. والله تعالى أعلم.