الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
السلام تحية المسلمين بعضهم لبعض عموماً، وإلقاء السلام سنة وقربة لمن دخل على قوم سواء في المسجد، أو في أيّ مكان آخر، فإنه يسلم عليهم ندباً، فعن أبِي هُرَيرَةَ رضي الله تعالى عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ وَقَالَ: (ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) ثَلاَثًا" رواه البخاري.
قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: "من دخل المسجد فمرَّ على قوم فيه، فإنه يسلم عليهم ثم يصلي" [فتح الباري 7/ 170]، بل إن الفقهاء نصّوا على أن من دخل المسجد أو غيره يسن له السلام ولو لم يكن فيه أحد، قال الإمام النووي رحمه الله: "يستحب لمن دخل بيته أو بيتاً غيره، أو مسجداً وليس فيه أحد أن يسلم، فيقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" [المجموع شرح المهذب 4/ 612].
وردُّ السلام فرض على الكفاية، فإذا ردَّ السلام أحد المصلين أو مجموعة منهم سقط الواجب عن الآخرين، وفي حال الخشية من التشويش على المصلين، أو على من يقرأ القرآن في المسجد أن يسلم الداخل بصوت منخفض، بحيث يسمع من حوله ويتولى من قرب منه الرد عليه، جاء في كتاب [الأم 1/ 234] للإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "ولو سلم رجل على رجل يوم الجمعة كرهت ذلك له، ورأيت أن يرد عليه بعضهم؛ لأن رد السلام فرض".
وعليه؛ فلا حرج على داخل المسجد في إلقاء السلام على الموجودين فيه، ويجب رد السلام عليه، فإن خشي التشويش على المصلين فيرد عليه أحدهم أو بعضهم، وإن ترك داخل المسجد إلقاء السلام ابتداءً خشية التشويش فلا إثم عليه؛ لأن ابتداء السلام سنة. والله تعالى أعلم.