الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
أخذ مبلغ من المال عوضاً عن دلالة شخص على آخر ليشتري منه يدخل في الفقه الإسلامي ضمن أحكام الجعالة، وهي: "التزام عوض معلوم على عمل معيّن، معلوم أو مجهول، بمعيّن أو مجهول".
وصورة منتج الجعالة الذي يجري تطبيقه في بعض البنوك: أن يتفق البنك مع تاجر، أو مجموعة من التجار على أخذ نسبة معينة من قيمة المشتريات عن كل زبون يأتيه من طرفه، مع التزام البنك بالسداد عن الزبون بالأقساط، أو الدفع عنه مباشرة، ثم يقوم البنك بخصم المبلغ المطلوب من راتب العميل، وتسمى هذه المعاملة كذلك بالسمسرة، وهي جائزة بالشروط الآتية:
الأول: ألا يحسب التاجر هامش الربح الذي سيدفعه للبنك من مشتريات العميل بحيث يزيد في ثمن السلعة؛ حذراً من الوقوع في الربا؛ لأنه عندئذ يكون ربح الممول من العميل وليس من التاجر.
الثاني: أن يكون الربح على الجعالة (السمسرة) دون الكفالة؛ لأن الفقهاء أجمعوا على عدم جواز أخذ الأجرة على الكفالة.
الثالث: ألا يكون هناك اتفاق مسبق بين البنك والتاجر على زيادة السعر لتغطية مقدار ربح البنك.
الرابع: الفصل بين عقد الجعالة الذي يتم بين الممول والتاجر، وعقد البيع الذي يتم بين العميل والتاجر؛ حذراً من الوقوع في شبهة الربا، فلا يصح للبنك أن يسدد عن العميل المبلغ الإجمالي للسلعة مخصوماً منها ربح الجعالة.
ولا تدخل هذه الجعالة تحت قاعدة (كل قرض جر نفعاً فهو ربا) سواء قام الممول بالسداد الفوري عن العميل ورجعت عليه بحسم نسبة معينة من راتبه الشهري، أم كانت تقتطع من راتبه وتدفع عنه؛ لأن هامش الربح الذي استحقه الممول لم يكن سببه القرض – أي إقراض الممول للعميل – وإنما استحقه الممول بالجعالة، سواء دفع العميل فوراً أم قام الممول بالسداد الفوري عنه.
ويتنبه إلى أن الجعالة هي عمل يقوم به البنك فيرسل عملاءه إلى التجار الذين اتفقوا معه، وأما إذا كان التاجر من يدل زبائنه على البنك، فلا يعتبر ذلك في حكم الجعالة، ولا يحل للبنك حينئذ أن يأخذ عمولة الجعالة من التاجر؛ لأنه لم يقم بعمل، وكأن العمولة أصبحت حينئذ مقابل الكفالة، وأخذ الأجرة على الكفالة لا يجوز بالاتفاق.
فإذا اختل شرط من هذه الشروط، أصبحت الجعالة غير جائزة ولا يحل الدخول فيها. والله تعالى أعلم.