الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الحج ركن من أركان الإسلام، وهو فرض على كل مسلم مكلف مستطيع، والاستطاعة على نوعين: استطاعة بدنية، واستطاعة مالية، لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، وتتحقق الاستطاعة المالية بأن يملك المسلم مالاً يفضل عن نفقاته ونفقات من ينفق عليهم، ويكون فاضلاً كذلك عن دَينه سواء كان الدين حالاً أم مؤجلاً.
جاء في [مغني المحتاج 2/ 213]: "ويشترط كون ما ذكر من الزاد والراحلة مع المحمل والشريك فاضلين عن دينه حالاً كان أو مؤجلاً، سواء كان لآدمي أم لله تعالى كنذر وكفارة" انتهى.
والاستطاعة البدنية تتحقق في حق القادر على الذهاب لأداء الحج بنفسه، ومن كان عاجزاً عن الحج بنفسه؛ فيجب عليه أن ينيب من يحج عنه.
قال الإمام النووي رحمه الله: "يجوز أن يحج عن الشخص غيره، إذا عجز عن الحج، بموت، أو كسر، أو زمانة، أو مرض لا يرجى زواله، أو كان كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أصلاً، أو لا يثبت إلا بمشقة شديدة" [روضة الطالبين وعمدة المفتين 3/ 12].
ومن عجز عن الذهاب للحج لمرض أو كبر فيحرص على استشارة الطبيب الثقة: فإن أفتاه بزمانة حالته المرضية، وأنه يجد منها مشقة لا يعتادها الصحيح جازت له الإنابة في الحج.
جاء في [حاشية الجمل على المنهج 2/ 388] من كتب المذهب الشافعي: " العاجز عن النسك بنفسه: أي حالا ومآلا...وهذا في الكبر ظاهر، وفي المرض بأن لا يرجى برؤه...وهل يكفي في العجز علمه من نفسه بذلك أو يتوقف ذلك على إخبار طبيب عدل فيه نظر، وقياس نظائره من التيمم ونحوه الثاني.
وعليه؛ ننصح السائل باستشارة الطبيب المختص الثقة في حالته المرضية، فإن أكد أن الدوار الذي يصيب السائل مستمر معه وقد يعرضه للمشقة غير المحتملة أو خطر السقوط في أي مكان وفي أي لحظة، فهذا المرض يعد سبباً لجواز أن يستنيب السائل غيره ليحج عنه، هذا إذا كان الشخص قد وجب عليه الحج بالاستطاعة المالية، أما من لا يقدر على الحج ببدنه ولا بماله، فلا يجب عليه أن يستنيب أحداً ليحج عنه؛ لعدم وجوب الحج عليه أصلاً. والله تعالى أعلم.