الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
رسوم ذوات الأرواح من البشر والحيوانات إذا كانت على هيئتها الكاملة الأصل فيها التحريم، للأحاديث الكثيرة التي وردت في تحريم التصوير، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ) رواه البخاري، ويشمل ذلك النحت والرسم لذوات الأرواح.
ويستثنى من التحريم إذا كانت الأكواب مخصصة لاستعمال الصغار، فقد رخصت الشريعة بذلك، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي) متفق عليه.
جاء في [شرح النووي على مسلم ص/397] عند شرحه لحديث عائشة السابق: ""عن عائشة أنها كانت تلعب بالبنات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال القاضي: فيه جواز اللعب بهن، قال: وهن مخصوصات من الصور المنهي عنها لهذا الحديث، ولما فيه من تدريب النساء في صغرهن لأمر أنفسهن وبيوتهن وأولادهن، قال: وقد أجاز العلماء بيعهن وشراءهن".
ويباح لمن كانت لديه أشياء تشمل على صور محرمة لذوات الأرواح من البشر والحيوانات استعمالها إن كانت الصور على ما يمتهن من الأشياء كالثياب والآنية وغيرها، أما إن كانت الأشياء المشتملة على الصور معدة للزينة ومما يكرم؛ فلا يجوز له الاستمرار بالاحتفاظ بها.
جاء في [تحفة المحتاج شرح المنهاج 7/ 433] من كتب الشافعية: "ويجوز حضور محل فيه ما: أي صورة على أرض وبساط يداس ومخدة ينام أو يتكأ عليها، وما على طبق وخوان وقصعة، وكذا إبريق على الأوجه؛ لأن ما يوطأ أو يطرح مهان مبتذل، وقد يؤخذ منه أن ما رفع من ذلك للزينة محرم، وهو محتمل إلا أن يقال إنه موضوع لما يمتهن به فلا نظر لما يعرض له، ويؤيده اعتبارهم التعليق في الستر دون اللبس في الثوب نظراً لما أعد له كل منهما، ومقطوع الرأس؛ لزوال ما به الحياة فصار كما في قوله: وصور شجر وكل ما لا روح له كالقمرين؛ لأن ابن عباس رضي الله عنهما أذن لمصور في ذلك.
ويحرم ولو على نحو أرض، وما مر من الفرق إنما هو في الاستدامة تصوير حيوان وإن لم يكن له نظير كما مر، بل هو كبيرة لما فيه من الوعيد الشديد؛ كاللعن وأن المصورين أشد الناس عذاباً يوم القيامة، نعم يجوز تصوير لعب البنات؛ لأن "عائشة رضي الله تعالى عنها كانت تلعب بها عنده صلى الله عليه وسلم" رواه مسلم، وحكمته تدريبهن أمر التربية، وخرج بحيوان: تصوير ما لا رأس له؛ فيحل خلافاً لما شذ به المتولي، وكفقد الرأس فقد ما لا حياة بدونه، نعم يظهر أنه لا يضر فقد الأعضاء الباطنة كالكبد وغيره؛ لأن الملحظ المحاكاة وهي حاصلة بدون ذلك".
وعليه؛ فلا يجوز ابتداء رسم صور الآدميين أو الحيوانات على الأكواب إن كانت بهيئة تعيش معها، ويجوز لمن اشتراها أن يحتفظ بها إن استعملها بشكل تهان فيه، كالشرب ونحوه، وإلا إن اشتراها للزينة فيحرم ذلك. والله تعالى أعلم.