الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
غسل القدمين ركن من أركان الوضوء، والأصل فيه الغسل، لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
وقد أباحت الشريعة الإسلامية المسح على الخفّين، كما ورد في السنة النبوية الثابتة، فقد جاء عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ "النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ" رواه البخاري، واستفاض ذلك برواية كثير من الصحابة رضي الله عنهم، فالأصل أنّ المسح مشروع على الخفين، ويقوم مقامهما ما يلبس في القدمين مما يكون مشابهاً لهما في الصفة لأنه في معناه.
ويشترط لجواز المسح على الجوارب أن تكون قوية متماسكة لا تتمزق بسهولة، وأن لا ينفذ منها الماء إذا صُبّ عليها، جاء في [عمدة السالك/ ص30]" لابن النقيب الشافعي رحمه الله: "يجوز المسح على الخفين... وشرطه: أن يلبسه على وضوء كامل، وأن يكون طاهراً، وساتراً لجميع محل الفرض، ومانعاً لنفوذ الماء، ويمكن متابعة المشي عليهما كتردد مسافر لحاجاته، سواء كان من جلد أو لبد أو خرق مطبقة أو خشب أو غير ذلك...".
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: "لا يُجزئ منسوج لا يمنع ماء يُصَبُّ على رجليه -أي نفوذه- وإن كان قوياً يمكن تِباع المشي عليه، في الأصح؛ لأنه خلاف الغالب من الخفاف المنصرف إليها النصوص" انتهى من [تحفة المحتاج 1/ 252].
وعليه؛ فإن كانت الجوارب خفيفة فلا يجزئ المسح عليها؛ لأنها لا تتوافر فيها الشروط المذكورة، بل يجب غسل القدمين عندئذٍ، والأولى في أبواب العبادات الاحتياط ليطمئن القلب ويخرج المسلم عن عهدة التكليف. والله تعالى أعلم.