الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ينبغي للمسلم أن يتجنب الحلف بالله تعالى والإكثار منه دون حاجة، قال الله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 224]، وقال عز وجل: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89].
ومن حلف على غيره، فيستحب لذلك الغير أن يبر بيمينه، فإن لم يفعل ما طلبه منه، فالحكم يتوقف على قصد الحالف:
فإذا كان قاصداً باليمين على المخاطَب تحقيق هذا الأمر، وإلزامه به، وجب على الحالف كفارة الحنث في يمينه.
أما إذا كان قاصداً بيمينه يمين المخاطَب كأن قصد جعله حالفاً بالله تعالى، أو لم يقصد اليمين، وإنما الشفاعة عنده بالله تعالى، فإنه لا يكون يميناً، وليس على الحالف ولا على المخاطب شيء.
جاء في [مغني المحتاج 6/ 186] للخطيب الشربيني رحمه الله: "لو قال شخص لغيره: أقسم عليك بالله أو أسألك بالله لتفعلن كذا، وأراد يمين نفسه، فيمين؛ لاشتهاره في ألسنة حملة الشرع، ويسن للمخاطب إبراره فيهما إن لم يتضمن الإبرار ارتكاب محرم أو مكروه، فإن لم يبره فالكفارة على الحالف.
وإلا بأن أراد يمين المخاطب أو لم يرد يميناً، بل التشفع إليه، أو أطلق، فلا يكون يميناً في الصور الثلاث؛ لأنه لم يحلف هو، ولا المخاطب، ويحمل على الشفاعة في فعله".
وعليه، فإذا كان الغالب من أحوال الناس أنهم يقصدون الحالة الثانية، فحينئذ لا تجب الكفارة. والله تعالى أعلم