الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
أمر الإسلام بالصدق في التعامل وعدم الغش أو التزوير؛ رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (التَّاجِرُ الْأَمِينُ الصَّدُوقُ الْمُسْلِمُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه ابن ماجه والترمذي، ولذلك فإنّ الأصل أن يكون لكل أحد ابتكاره وإبداعه في مجال عمله، وأن يبتعدوا عن التقليد ما أمكن.
وينبغي التفرقة بين أنواع من التقليد، فأما إذا كانت البضاعة المقلدة تحمل علامة تجارية مسروقة فهذا محرم؛ لأن فيه كذباً وتزويراً للواقع، ويشتمل أيضاً على التعدي على حقوق العلامات التجارية، وهي حقوق مالية متقومة تجب صيانتها.
وأمّا إذا كانت البضاعة المقلّدة لا تحمل علامة تجارية مسروقة، بل تحمل علامة تشبهها في الشكل قد ينخدع بها الناس، فإن الحكم في هذه الحالة يتحدد بحسب الغاية من الشراء، فإنْ كان شراء البضاعة للاستعمال الفردي، فيجوز ذلك بشرط أن لا يكذب البائع ولا يدلّس لترويج البضاعة المقلدة، وأما إذا كان الشراء بغرض التجارة وبيعها للمستهلك فلا يجوز، وذلك لأنّ كثيراً من الناس ينطلي عليهم التدليس بسبب هذه الممارسات وينخدعون بما يظنونه أصلياً، وهو في حقيقته مجرد بضاعة مقلّدة.
وأمّا البضائع المقلدة من حيث تصميمها فقط، وبدون وضع علامة تجارية عليها، فهذا أمر تنظمه القوانين المرعية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية التي تحفظ حقّ الابتكار والإبداع، وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراراً برقم 43 (5/ 5) بشأن الحقوق المعنوية، جاء فيه: "أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها".
وعليه؛ فإن الأصل في المعاملات بين الناس أن تقوم على تجنب الغشّ أو انتهاك حقوق الآخرين، فإذا كانت المعاملة خالية من الغش والتزوير كانت جائزة شرعاً، وننصح المواطنين بتفقد ما يشترونه من البضائع وتمييز الأصلي من المقلد، ونذكر التجار بتقوى الله تعالى في معاملاتهم. والله تعالى أعلم.