الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
من نوى مع العبادة أمراً يحصل بها دون قصد ولا يفتقر لنية في أصله، كنية التبرد مع الوضوء أو تخفيف الوزن مع الصيام، أجزأته هذه النية على المعتمد؛ لأنّ هذا الأمر واقع سواء قصده المكلف أم لا، وذهب آخرون من الأئمة كالغزالي إلى أن المعتبر في إجزاء النية التي داخلها أمر دنيوي هو غلبة الباعث الأخروي في العبادة؛ فإن غلب الباعث الأخروي على الدنيوي أجزأت النية وصحّت العبادة، وذهب آخرون إلى عدم إجزاء نية العبادة إن داخلها أمر دنيوي، سواء غلب الباعث الأخروي أم لا.
جاء في [مغني المحتاج] من كتب السادة الشافعية: "ومن نوى بوضوئه تبرّداً أو شيئاً يحصل بدون قصد، كتنظيف ولو في أثناء وضوئه مع نية معتبرة، أي مستحضراً عند نية التبرد أو نحوه نية الوضوء جاز، أي أجزأه ذلك على الصحيح لحصول ذلك من غير نية، كمصلٍّ نوى الصلاة ودفع الغريم فإنها تجزئه؛ لأن اشتغاله عن الغريم لا يفتقر إلى نية. والثاني: يضرّ لما في ذلك من التشريك بين قربة وغيرها، فإن فقد النية المعتبرة، كأن نوى التبرد أو نحوه وقد غفل عنها لم يصحّ غسل ما غسله بنية التبرد ونحوه ويلزمه إعادته دون استئناف الطهارة. قال الزركشي: وهذا الخلاف في الصحة، أما الثواب فالظاهر عدم حصوله، وقد اختار الغزالي - فيما إذا شرك في العبادة غيرها من أمر دنيوي - اعتبار الباعث على العمل، فإن كان القصد الدنيوي هو الأغلب لم يكن فيه أجر، وإن كان القصد الديني أغلب فله بقدره وإن تساويا تساقطا، واختار ابن عبد السلام أنه لا أجر فيه مطلقاً، سواء أتساوى القصدان أم اختلفا".
وعليه؛ فلا حرج أن ينوي الصائم تخفيف وزنه؛ لأنّ تخفيف الوزن حاصل بالصيام دون افتقار لقصد أو نية، وننصح السائل بأن ينوي بصيامه العبادة وحدها خروجاً من الخلاف، وحتى لا يفقد الثواب. والله تعالى أعلم.