الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل الشرعي أن التزامات الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تكون محدودة في حدود حصتهم من الشركة؛ جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الرابعة عشر: "الشركة ذات المسؤولية المحدودة: هي الشركة التي يكون رأسمالها مملوكاً لعدد محدود من الشركاء لا يزيد عن عدد معين (يختلف ذلك باختلاف القوانين)، وتتحدّد مسؤولية الشركاء فيها بمقدار حصة كل واحد منهم في رأس المال، ولا تكون أسهمها قابلة للتداول"، وجاء في المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة الإسلامية: "يجوز تحديد مسؤولية الشركة برأس مالها إذا تمّ إشهار ذلك، بحيث يكون معلوماً للمتعاملين مع الشركة؛ فينتفي التغرير بهم".
وبناءً على ذلك؛ فإذا أعلنت الشركة إفلاسها فلا يُسأل المساهمون عن التزامات الشركة إلا في حدود حصصهم في الشركة، وإذا زادت الديون عن رأس مال الشركة، فلا حقّ لهم بالرجوع على الشركاء المساهمين بشيء ما لم يكن هذا الإفلاس احتيالياً.
وأمّا الشركاء المساهمون الذين يتولون الإدارة فحكمهم كالشركاء الآخرين بشرط ألا يكونوا قد خالفوا نظام الشركة أو قانون الشركات أو ثبت تقصيرهم أو تعديهم في إدارة الشركة.
وأما إذا ظهر دائن جديد بعد الحكم بإفلاس الشركة رجع على بقية الدائنين بحصته من الديون التي على الشركاء؛ جاء في كتاب [أسنى المطالب في شرح روض الطالب 2/ 191]: "فإن ظهر غريم بعد القسمة لم تنقض القسمة بل يشاركهم فيما قبضوه بالحصة لحصول المقصود بذلك"، وبناء على ذلك فالأصل أن يراجع الدائن الجديد المحكمة النظامية ليأخذ حقه إذا ثبت استحقاقه.
وأما الشركاء الذين انتهت شركتهم بالإفلاس فلا يرجع عليهم الدائن الجديد بشيء إلا إذا كان الإفلاس احتيالياً أو كان المسؤولون عن الإدارة قد تعدوا أو قصروا في إدارة الشركة.
وعليه؛ فالحكم على مثل هذه المسائل والتثبت من مسؤولية الشركاء، ومقاسمة الدائن الجديد (المؤجر) للدائنين السابقين تحتاج إلى قرار من القضاء للفصل فيها عند عدم التوافق على حلّ معين بينهم، لأنّ الحكم بإفلاس الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا يسري على أموال الشركاء ما لم يكن الإفلاس احتيالياً أو كان الشركاء المسؤولون عن الإدارة قد ثبت تعدّيهم أو تقصيرهم في إدارة الشركة. والله تعالى أعلم.