الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل أن كل ما يوضع في المسجد وقفاً لله تعالى يطبق عليه أحكام الوقف، والوقف في الشريعة الإسلامية له أحكام وشروط خاصة تجعل من الشيء الموقوف مسبّل المنفعة للموقوف عليهم، غير مملوك لأحد، ولا يحلُّ لأحدٍ أن يستعمله في أموره الشخصية أياً كان.
فما يوضع في المساجد من أثاث ونحوه بقصد نفع المسلمين منها تعطى حكم الوقف، من حيث بقاء نفعها على عموم المسلمين؛ فلا يجوز التصرف بها بيعاً وشراء وهبة، كما لا تجوز إعارتها لجهة خاصة؛ لأن فيها تعطيلاً لمقصودها وهو أنها مرصودة لعموم نفع المسلمين.
جاء في [الغرر البهية] من كتب السادة الشافعية: "والوقف ولو على معين ملك الباري تعالى أي: ينفك عن اختصاص الآدمي كالعتق، فلا يملكه الواقف ولا الموقوف عليه، بدليل امتناع تصرفهما فيه".
وسئل الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "عن الماء المتصدق به للطهور في المساجد، هل يجوز لأحد نقله إلى خلوته وادخاره فيها للطهر به، مع منع الناس منه والحاجة إليه في المسجد، وهل يجوز مع عدم ذلك أو لا؟ فأجاب: بأن من تصدق بماء أو وقف ما يحصل منه الطهور بمسجد كذا لم يجز نقله منه لطهارة ولا لغيرها، مُنع الناس منه أو لا؛ لأن الماء المسبَّل يحرم نقله عنه إلى محل آخر لا ينسب إليه، كالخلوة المذكورة في السؤال" انتهى باختصار. [الفتاوى الفقهية الكبرى 3/ 266].
فإذا كان نقل الماء المسبّل للطهارة خارج المسجد لاستعماله في الغاية نفسها حرام، فمن باب أولى منع أخذ الكراسي وما شابهها من المسجد للاستعمال الشخصي، والواجب على المسلم المحافظة على مال الوقف، وعدم الاعتداء عليه بأي شكل من الأشكال، ومن وقع في شيء من ذلك وجب عليه ضمان النقص حال وجوده ودفع أجرة بدل استعماله مع التوبة والاستغفار. والله تعالى أعلم.