الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الحج فرض على كل مسلم مكلف مستطيع، والاستطاعة إما أن تكون بالنفس أو بالغير، والاستطاعة بالنفس تتضمن القدرة الجسدية والمالية وأمن الطريق.
جاء في [عمدة السالك/ ص122] من كتب السادة الشافعية: "والمستطيع اثنان: مستطيع بنفسه، ومستطيع بغيره، أما الأول [مستطيع بنفسه]: فهو أن يكون صحيحاً واجداً للزاد والماء بثمن مثله ذهاباً وإياباً، وعن مسكن يناسبه وخادم يليق به لمنصب أو عجز، وعن دين ولو مؤجلا، وأن يجد طريقا آمنا يأمن فيها على نفسه وماله".
وأما الاستطاعة بالغير فشرطها أن يكون المنوب عنه متوفى أو عاجزاً صحياً عن أداء فريضة الحج؛ لأن الحج عبادة مفروضة وليس للمسلم أن يستنيب عنه أحداً في أداء حجته إلا عند العجز.
قال الإمام النووي رحمه الله: "يجوز أن يحج عن الشخص غيره، إذا عجز عن الحج، بموت، أو كسر، أو زمانة، أو مرض لا يرجى زواله، أو كان كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أصلا، أو لا يثبت إلا بمشقة شديدة". [روضة الطالبين وعمدة المفتين 3/ 12].
وبناءً على ذلك فإذا منعت الجهات الرسمية الفرد من أداء فريضة الحج بسبب انتشار الأوبئة أو تنظيم دور الحج ضمن سن معينة، فلا يتحقق لديه شرط الاستطاعة المذكور في النص القرآني، ولم يجب الحج عليه في السنة التي مُنع فيها؛ وذلك لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، وليس للمكلف الصحيح القادر حينئذ أن يستنيب أحداً آخر ليؤدي فريضة الحج عنه؛ لأن شرط الاستنابة للغير في الحج تكون عند العجز الصحي أو الوفاة.
وعليه؛ فلا يصح للمكلف الصحيح القادر الذي مُنع من الذهاب إلى الحج أن يستنيب أحداً آخر للقيام بأداء الحج عنه. والله تعالى أعلم.