الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ينبغي للمسلم إذا أراد نشر أي مادة على مواقع التواصل الاجتماعي أنْ يحرص على نشر ما فيه الخير والنفع والفائدة للمجتمع، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
وعلى المسلم أنْ يبتعدَ عن نشر كلِّ ما فيه سخرية أو ترويع أو تخويف، فمن حُقوقِ المسلم على المسلم أن لا يحزنه أو يخوفه أو يزعجه، روى أبو داود في [سننه] أنَّ أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنام رجل منهم، فانطلق بعضُهم إلى حبل معه فأخذه، ففزِع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا).
قال المناوي رحمه الله تعالى في [فيض القدير شرح الجامع الصغير 6/ 447]: "لا يحلُّ لمسلمٍ أنْ يُروّعَ بالتشديد أي: يُفزع مُسلِماً وإنْ كان هازلاً، كإشارته بسيف أو حديدة أو أفعى أو أخذ متاعه فيفزع لفقده؛ لما فيه من إدخال الأذى والضرر عليه، والمسلمُ من سلِم المسلمون من لسانه ويده".
كما أن التسبب في ترويع الآخرين قد يترتب عليه الضمان في بعض الحالات، كمن قصد تخويف غير المميز أو البالغ غير المتيقظ لهذا الموقف فمات، فيعدّ فعله قتلاً شبه عمد، وعليه الدية مغلظة، وكذلك عليه الدية إن تسبب الترويع بذهاب منفعة عضو من أعضاء من تم ترويعه.
جاء في [تحفة المحتاج 9/ 2]: "إذا صاح بنفسه أو بآلة معه على صبي لا يميز أو مجنون أو معتوه أو نائم أو ضعيف عقل ولم يحتج لذكرهم؛ لأنهم في معنى غير المميز، بل المميز غير المتيقظ مثلهم، كما أفهمه قوله الآتي، ومراهق متيقظ كبالغ وهو واقف أو جالس أو مضطجع أو مستلق على طرف سطح أو شفير بئر أو نهر صيحة منكرة فوقع عقبها بذلك الصياح، وحذف تقييد أصله بالارتعاد تنبيها على أن ذكره لكونه يغلب وجوده عقب هذه الحالة لا لكونه شرطاً، إذ المدار على ما يغلب على الظن كون السقوط بالصياح فمات منها، وحذفها لدلالة فاء السببية عليها، لكن الفورية التي أشعرت بها غير شرط إن بقي الألم إلى الموت فدية مغلظة على العاقلة؛ لأنه شبه عمد لا قود لانتفاء غلبة إفضاء ذلك إلى الموت، لكنه لما كثر إفضاؤه إليه أحلنا الهلاك عليه وجعلناه شبه عمد، ولو لم يمت بل ذهب مشيه أو بصره أو عقله مثلا ضمنته العاقلة كذلك أيضاً بأرشه المارّ فيه".
وعليه؛ فيجب على المسلم تجنب نشر ما فيه ترويع للآخرين حتى لو كان بقصد المزاح، هذا في حقّ الكبار البالغين، وهو في حقّ الصغار أولى بالمنع؛ لضعفهم، ولأثر ذلك على تربيتهم النفسية. والله تعالى أعلم.