الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل عند أكثر الفقهاء أنه لا يجوز أن يأخذ الشريك من أموال الشركة إلا أرباحه بحسب حصته من رأس المال، وأجاز بعض فقهاء الشافعية، وهو مذهب الحنفية أن يُخَصص للشريك العامل جزء أكبر من الأرباح من باقي الشركاء نظير قيامه بإدارة الشركة، أما الشريك غير العامل فلا يجوز أن يخصص له نسبة من الأرباح، يقول الإمام الجويني رحمه الله: "إن استويا في المال وتفاوتا في العمل، فإن شرطت الزيادة لمن زاد عمله، ففي ثبوتها وجهان: أقيسهما: الثبوت، لمقابلتها بالعمل" [نهاية المطلب 7/ 25].
وجاء في [رد المحتار على الدر المختار 4/ 311]: "تصح [شركة العنان]... مع التفاضل في المال دون الربح، أي بأن يكون لأحدهما ألف وللآخر ألفان مثلاً، واشترطا التساوي في الربح، وقوله وعكسه: أي بأن يتساوى المالان ويتفاضلا في الربح، لكن هذا مقيد بأن يشترط الأكثر للعامل منهما أو لأكثرها عملاً، أما لو شرطاه للقاعد أو لأقلّهما عملاً فلا يجوز كما في البحر عن الزيلعي والكمال".
أما تقاضي أحد الشركاء راتباً مقطوعاً معلوماً مقابل عمله في الشركة، فهذا لم نقف على ما يشبه جوازه سوى ما عند البهوتي الحنبلي رحمه الله في [شرح منتهى الإرادات 2/ 324]، حيث يقول: "وما جرت عادة بأن يستنيب فيه: فله أن يستأجر من مال الشركة إنساناً -حتى شريكه- لفعله إذا كان فعلُهُ مما لا يستحق أجرته إلا بعمل" انتهى، ولا حرج في تقليد هذه الأقوال من مذاهب الفقهاء، تيسيراً على الناس في المسائل الاجتهادية، لكن يجب أن يكون تحديد الأجر بالاتفاق مع بقية الشركاء أو من ينوب عنهم؛ لأنه في الحقيقة يعمل في حصتهم من الشركة أجيراً بأجرة يحددونها هم أو من ينوب عنهم.
وعليه؛ ومن خلال تفاصيل السؤال السابق لا يصحّ تخصيص الشريك غير العامل براتب أو نسبة من الأرباح الشهرية، كذلك الأمر في حال تساوي الشريكين في العمل أو كون عمل أحدهما أقل عملاً من الآخر. والله تعالى أعلم.