الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
أباح الإسلام الجمع بين الصلاتين رخصة في بعض الصور، كالسفر والمطر والخوف، وأجاز بعض العلماء الجمع بسبب المرض للمريض الذي يشقّ عليه أداء الصلاة على وقتها، واستدلوا لذلك بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَبَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِالمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ".
والجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في الأوقات التي تغلق فيها المساجد بسبب انتشار الأوبئة لا يصح؛ لعدم وجود العذر الشرعي الذي يجيز ذلك، والواجب على المسلم المحافظة على أداء الصلاة على وقتها؛ لأنّ لكل صلاة وقت محدد في الشرع، ويجب أن تؤدى فيه، لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: (الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا) رواه البخاري.
والجمع بين الصلاتين رخصة على خلاف الأصل، ومعلوم عند الفقهاء أنّ الرخص لا يقاس عليها، فلا يجوز قياس صورة جديدة لم ينصّ عليها شرعاً حتى وإن كانت المشقة فيها أكثر، فكما لا يجوز الجمع بسبب الغبار الشديد، والحر الشديد، فكذا لا يجوز الجمع بسبب الحظر، خاصة أنّ من حكمة الجمع هو رفع المشقة عند العودة إلى الصلاة الثانية، وفي وقت الحظر لا توجد إمكانية ابتداءً للعودة إلى الصلاة الثانية.
ويجوز أن تصلى الصلوات في هذه الحالة على وقتها جماعة في البيوت، ويتحصل بإذنه تعالى على أجر الجماعة كاملة، والمسلم إذا صلى منفرداً بعذر يكتب له أجر الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا) رواه البخاري. والله تعالى أعلم