الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
أوجب الله سبحانه وتعالى أن تصرف الزكاة إلى الأصناف الثمانية المذكورة في القرآن الكريم، قال الله سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].
وبما أنّ الزكاة حقّ لآخذها، وثبت بالشرع ملكيته لها، فلا يحقّ للمزكّي أن يشرط عليه كيفية التصرف فيها، جاء في [أسنى المطالب شرح روض الطالب 1/ 393]: "{إنما الصدقات للفقراء} [التوبة: 60]، وأضاف فيها الصدقات إلى الأصناف الأربعة الأولى، وهم: الفقراء والمساكين والعاملون والمؤلفة قلوبهم، فاللام الملك، وإلى الأربعة الأخيرة بفي الظرفية للإشعار بإطلاق الملك في الأربعة الأولى، وتقييده في الأخيرة حتى إذا لم يحصل الصرف في مصارفها استرجع بخلافه في الأولى".
ولو اشترط المزكي على الفقير أوجهاً معينة لصرف مال الزكاة، وقَبِلَ هذا الشرط، فإنّ هذا الشرط لاغٍ، ولا يلزم الفقير الوفاء به، وهذه المسألة شبيهة بما ذكره النووي رحمه الله تعالى في [المجموع شرح المهذب 7/ 255]: "ولو قال المدين: ادفع إلي عن زكاتك حتى أقضيك دينك، ففعل أجزأه عن الزكاة وملكه القابض، ولا يلزمه دفعه إليه عن دينه، فإن دفعه أجزأه، قال القفال: ولو قال ربّ المال للمدين: اقضِ ما عليك على أن أردّه عليك عن زكاتي، فقضاه صحّ القضاء ولا يلزمه ردّه إليه، وهذا متفق عليه، وذكر الرّوياني في البحر أنه لو أعطى مسكيناً زكاة وواعده أن يردّها إليه ببيع أو هبة أو ليصرفها المزكي في كسوة المسكين ومصالحه؛ ففي كونه قبضاً صحيحاً احتمالان، "قلت": الأصح: لا يجزئه، كما لو شرط أن يردّ إليه عن دينه عليه".
وعليه؛ فلا يلزم الفقير التقيد بما شرط عليه المزكي من أوجه لصرف مبلغ الزكاة، وله حرية التصرف به كما يشاء. والله تعالى أعلم.