الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
المسجد مكان يوقف لله تعالى للصلاة والدعاء والاعتكاف وقراءة القرآن وتعليمه وأداء كل ما يتقرب به إلى الله تعالى، وسكن الإمام يعتبر جزءاً من هذا الوقف، وتأجيره أو استبداله كما ورد في السؤال فيه إخراج للمسجد عن مسجديته التي هي جهة الوقف ومصرفه، لأنّ الأصل المقرر عند الفقهاء أن الموقوف على جهة أو مصرف لا يجوز تحويله إلى جهة أو مصرف آخر بحيث ينتج عن ذلك التحويل تعطل تلك الجهة التي صرف الوقف لمنفعتها.
وسكن الإمام موقوف عليه، ينتفع به وليس ملكاً له؛ فلا يحلّ له ولا لغيره أن يؤجره للجنة الزكاة ولا لغيرها، يقول الإمام القرافي رحمه الله في [الفروق 1/ 188]: "إذا وقف وقفاً على أن يسكن أو على السكنى، ولم يزد على ذلك، فظاهر اللفظ يقتضي أن الواقف إنما ملك الموقوف عليه الانتفاع بالسكنى دون المنفعة فليس له أن يؤاجر غيره ولا يُسكنه".
وإن أرادت لجنة زكاة المسجد أن تستأجر على نفقة متبرّع فلا مانع من ذلك، شريطة ألا يكون ذلك من أموال الزكاة، ولها أن تستأجر مبنى من أموال التبرعات إن بيّنت أن سبب الجمع لذلك.
وعليه؛ فلا يجوز أخذ مساحة من المسجد لصالح لجنة الزكاة، أو غير ذلك من المؤسسات التي لا يتصل عملها بغاية المسجد ومقصوده سواء أكان لدى أصحاب تلك المؤسسات مال يمكنهم من الاستئجار خارج المسجد أم لا؛ لأن هذه المساحة لم توقف لهذا الغرض، وإنما وقفت للصلاة ولخدمة المسجد، وقد نصّ الفقهاء على أن شرط الواقف مُراعى ولا يجوز مخالفته. والله تعالى أعلم.