الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
حدّد الله تعالى مصارف الزكاة في القرآن الكريم، حيث قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التوبة/60، وجعل الزكاة حقاً ثابتاً لهم؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} المعارج/24، 25.
فالفقراء والمساكين من مصارف الزكاة، والفقير الذي لا يجد ما يتزوج به يعطى من مال الزكاة، فقد نصّ الشافعية على أنّ الفقير: هو الذي لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من حاجته مطعماً وملبساً ومسكناً وغيرها مما لا بدّ منه على ما يليق بحاله وحال ممونه العمر الغالب.
فقولهم: "وغيرها مما لا بد منه" يشمل الزواج للمحتاج إليه، الذي يخاف على نفسه العنت والمعصية إن لم يتزوج، قال الإمام الشربيني رحمه الله: "في فتاوى ابن البزري: أنه لو كان يكتسب كفايته من مطعم وملبس، ولكنه محتاج إلى النكاح فله أخذها -يعني الزكاة- لينكح؛ لأنه من تمام كفايته، وهو ظاهر" [مغني المحتاج 4/ 175].
وعليه: فيجوز إعطاء الفقير من مال الزكاة بتمليكه إياها لإعانته على الزواج، والجمعية الخيرية وكيلة عن المزكين، تصرف زكاة أموالهم بحسب شروطهم، فإذا لم يشترطوا مصرفاً معيناً لها؛ فالجمعية في هذه الحالة كناظر الوقف والوصي وولي اليتيم يتصرفون بمقتضى المصلحة؛ فلا يدفعون مبلغاً إلا لداعٍ أو لحاجة.
قال الإمام الشربيني رحمه الله: "ولا يتصرف الناظر إلا على وجه النظر والاحتياط؛ لأنه ينظر في مصالح الغير فأشبه ولي اليتيم" [مغني المحتاج 10/ 180].
ولا يجوز إقامة الحفل من أموال الزكاة؛ لعدم تحقق شرط تمليك الفقير لمال الزكاة، كما أنّ مثل هذه الحفلات قد يُنفق فيها على أمور لا يصحّ أن يُنفق عليها من مال الزكاة. والله تعالى أعلم.