الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل الشرعي أن عقد المضاربة يكون بين جهتين: جهة رب المال، وجهة العامل، ويقتضي تسليم رب المال مال المضاربة إلى العامل "المضارب" ليعمل به؛ جاء في كتاب [مغني المحتاج 3/ 398]: "وأما المضاربة شرعاً، فهو أن يدفع، أي: المالك إلى العامل مالاً ليتجر العامل فيه، والربح مشترك بينهما" اهـ بتصرف يسير.
فإذا اشترط رب المال المشاركة في العمل، فقد خرجت عن المضاربة؛ ولذلك منعها جمهور الفقهاء؛ لأن الأصل أن يسلم رب المال مالَ المضاربة إلى المضارب ولا يتدخل في عمله، قال الإمام النووي رحمه الله: "ولو شرط أن يعمل معه المالك بنفسه، فسد على الصحيح" [روضة الطالبين 5/ 119]، وجاء في [حاشية ابن عابدين 5/ 648]: "فلو شرط رب المال أن يعمل مع المضارب لا تجوز المضاربة".
وجاء في المعايير الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية [المعيار الشرعي رقم: 13]: "لا يحق لرب المال اشتراط عمله مع المضارب؛ حتى تكون يده معه في البيع والشراء والأخذ والعطاء".
وأجازها فقهاء الحنابلة؛ لأن الأصل في الشروط الصحة، والشرط المذكور لا يتناقض مع عقد المضاربة؛ قال العلامة البهوتي الحنبلي رحمه الله: "وإن أخرج إنسان مالاً تصح المضاربة عليه يعمل فيه هو أي: مالكه وآخر، والربح بينهما، صحّ وكان مضاربة؛ لأن غير صاحب المال يستحق المشروط بعمله من الربح في مال غيره وهذا حقيقة المضاربة" [كشاف القناع 3/ 513].
وعليه، فيصح اشتراط رب المال على المضارب أن يعمل معه في شركة المضاربة، ولكنه لا يستحق أجراً مقطوعاً على ذلك. والله تعالى أعلم.