الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
اتفق العلماء على حرمة الألعاب التي تعتمد على الحظ والتخمين إن كانت على مال وهو ما يسمى القمار؛ قال تعالى: {إنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} المائدة/90، جاء في [تفسير الطبري] عن نافع، عن ابن عمر قال: "الميسر القمار"، ولما أخرجه الأمام مسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ، فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ).
واختلف العلماء في حكم الألعاب المعتمدة على الحظ إن كانت على غير مال، فمنهم من قال بالحرمة، ومنهم من رخص في ذلك:
قال الإمام النووي رحمه الله: "والجمهور في تحريم اللعب بالنرد، وقال أبو إسحاق المروزي من أصحابنا يكره ولا يحرم" [شرح النووي على مسلم 15/ 15]، وقريب من هذا ما ورد في [مغني المحتاج 6/ 346]: "يحرم اللعب بالنرد على الصحيح؛ لخبر (من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله) رواه أبو داود والحاكم، وهو على هذا صغيرة، والثاني: يكره".
وقال ابن عبد البر رحمه الله: "ولم يختلف العلماء أن القمار من الميسر المحرم، وأكثرهم على كراهة اللعب بالنرد على كل حال قماراً أو غير قمار؛ للخبر الوارد فيها، وما أعلم أحداً أرخص في اللعب بها، إلا ما جاء عن عبد الله بن مُغفل وعكرمة والشعبي وسعيد بن المسيب، فإن شعبة روى عن يزيد بن أبي خالد قال: دخلت على عبد الله بن المغفل وهو يلاعب امرأته الخضيراء بالقصاب -يعني النردشير-.
وروي عن عكرمة والشعبي أنهما كانا يلعبان بالنرد... وسئل سعيد بن المسيب عن اللعب بالنرد فقال: إذا لم يكن قماراً فلا بأس به، قال إسحاق: إذا لعبه على غير معنى القمار يريد به التعليم والمكايدة فهو مكروه ولا يبلغ ذلك إسقاط شهادته... ويحتمل اللعب بالنرد المنهي عنه على وجه القمار" [التمهيد 13/ 180].
وعليه؛ فقد اتفق العلماء على حرمة الألعاب التي تعتمد على الحظ والتخمين إن كانت على مال، أما إن كانت على غير مال، ففيها سعة وهي محل خلاف بين العلماء كما سبق بيان. والله تعالى أعلم.