الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
ليس من شروط الصلاة الصحيحة المجزئة أن لا تكون عند قبر، فالصلاة عند القبر صحيحة مجزئة بلا كراهة، وجائزة مع الكراهة إذا كان القبر في جهة الصلاة من غير ساتر بين المصلي والقبر، قال الإمام النووي رحمه الله: "قال الشافعي والأصحاب، وتكره الصلاة إلى القبور، سواءً كان الميت صالحاً أو غيره" [المجموع 5/ 316].
والذي نراه في مقامات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأضرحة الصحابة رضوان الله عنهم، أن القبور غالباً مستقلة عن مكان الصلاة، بل تفصل القبور في غرف وتوضع ضمن جدر، فالمساجد على ذلك ليست على المقابر ولا فيها، بل بجوارها، فلا حرج في الصلاة فيها في هذه الحالة، بل حتى لو كان بناء المسجد واقعا في الكراهة كأن بني على قبر، فهذا لا يعني حرمة الصلاة في هذه المساجد، ولا بطلانها، ولم نجد أياً من فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم من يفتى بحرمة الصلاة فيها، فصحة الصلاة حكم مستقل عن كون المسجد بني على قبر أو بجواره.
قال الإمام المزني الشافعي رحمه الله: "وإن صلى فوق قبر، أو إلى جنبه ولم ينبش أجزأه" [مختصر المزني 8/ 112].
وقال الإمام الشيباني من الحنفية رحمه الله: "قلت أرأيت المسجد هل تكره أن تكون قبلته إلى الحمام، أو إلى مخرج أو إلى قبر، قال: نعم، أكره له ذلك، قلت: فإن صلى فيه أحد يجزيه صلاته؟ قال: نعم" [الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني1/ 208].
وبناء على ذلك، فلا مانع من الصلاة في المساجد التي يوجد بها أضرحة، خاصة أن القبور موجودة خارج مكان الصلاة، ولا كراهة في ذلك. والله تعالى أعلم.