الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
التعويض عن الضرر مشروع في الفقه الإسلامي، وقد فصّل العلماء الأسباب الشرعية الموجبة للتعويض المالي، ولا يتسع المقام لتفصيلها، وقد قامت على أخذ التعويض المالي أدلة كثيرة من كتاب الله، وعمل بهذا المبدأ فقهاء الأمة، فمن ذلك قول الله تعالى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} النساء/92، فقد قرر الله جل جلاله مبدأ التعويض المالي عن قتل النفس المعصومة خطأ، وقال الكاساني رحمه الله: "إذا تعذر نفي الضرر من حيث الصورة، فيجب نفيه من حيث المعنى، ليقوم الضمان مقام المتلف" [بدائع الصنائع 7/ 165].
والأصل الشرعي أن التعويض عن الضرر يقع على المباشر وقد يقع على المتسبب؛ لأن موجب التعويض هو الفعل، قال الكاساني رحمه الله: "فلا شك أن الإتلاف سبب لوجوب الضمان عند استجماع شرائط الوجوب؛ لأن إتلاف الشيء إخراجه من أن يكون منتفعاً به منفعة مطلوبة منه عادة، وهذا اعتداء وإضرار" [بدائع الصنائع 7/ 164].
فإن كان الأمر كما ذكر في السؤال فإنّ التعويض يلزم السائق؛ لتقصيره في الالتزام بقواعد المرور، وقيادته للمركبة بسرعة مما أدى إلى حصول الحادث، كما يلزم التعويض الشركة لتقصيرها في ترخيص الباص وتأمينه، وكما قصرت أيضاً في عدم إشراك الموظف في الضمان الاجتماعي الذي هو حق له، فعليها مسؤولية ذلك.
وبما أنّ التقصير حاصل من السائق والشركة معاً، فمن حق السائل مطالبتهما معاً ليأخذ التعويض عن الضرر الذي لحقه نتيجة الحادث. والله تعالى أعلم.