الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الزكاة عبادة يشترط فيها شروط خاصة، ومن هذه الشروط تمليك الفقراء والمساكين حقهم من أموال الزكاة، وإخراجها على الفور دون تأخير، قال الإمام النووي رحمه الله: "تجب الزكاة على الفور إذا تمكن، وذلك بحضور المال والأصناف" [منهاج الطالبين/72]، وبناء دار للأيتام ينتفع منها الفقراء لا يحقق شرط التمليك والفورية.
والأيتام ليسوا من مصارف الزكاة بوصف اليتم؛ فقد يكون اليتيم غنياً، وقد حدد الله تعالى مصارف الزكاة في القرآن الكريم، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التوبة/60، ولـما رواه أبو داود عن زياد بن الحارث الصدائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتاه رجل فقال: أعطني من الصدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ، حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ).
فمصرف الزكاة الفقراء والمساكين، سواء كانوا أيتاماً أم لا، فيجوز صرف الزكاة للأيتام إن تحقق وصف الفقر فيهم، بشرط أن تملك أموال الزكاة لهم؛ كما أفاد التعبير باللام في الآية السابقة، قال الإمام البقاعي رحمه الله: "ولما فرغ من هذه الأصناف الأربعة –أي الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم– الذين يعطون الصدقة في أيديهم يتصرفون فيها كيف شاءوا، كما دل عليه التعبير باللام، ذكر الذين يعطون الصدقة لقضاء ما بهم كما دل عليه التعبير بـ (في)" [نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 8/ 505].
وعليه؛ فلا يجوز دفع الزكوات الموجودة في الجمعية لبناء دار للأيتام، وأما بناؤها من أموال الصدقات فلا حرج فيه. والله تعالى أعلم.