الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
النصوص الشرعية الواضحة في معناها، والبيّنة في دلالتها، لا يُقبل القول فيها بالرأي والهوى المجردين عن العلم، فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يفسرها أو يستدل بها إلا إذا كان عالماً بها عارفاً بطرق الاستدلال واستخراج الأحكام الشرعية منها.
أما الأحكام الفقهية التي يتوصل إليها بالاجتهاد، وتُنقل عن الفقهاء، فهي نصوص قابلة للفهم والاجتهاد من قِبَل العالم بالنصوص الفقهية والمتبحر فيها، وبما جاء عليها من شروح وحواشٍ توضح القول وتبيّن المقصود بها، وعندئذ لا يكون القول فيها مبنياً على الهوى، وكما هو معلوم فإن كل صاحب هوى قد يجد من شاذّ الأقوال والآراء ما يوافق هواه؛ فالواجب منع غير المختصين من الخوض في المسائل الشرعية بدون علم؛ حسماً لمادة التشكيك وإثارة الشبهات والفتن بين الناس، والطريق إلى معرفة الصواب هو الاتصال بالعلماء للسؤال والاستيضاح امتثالاً لقول الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وأما الاجتهاد في الشريعة فليس لكل أحد، بل هو لأهل العلم الراسخين فيه الذين تحققت فيهم شروط الاجتهاد كما قال الله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].
وعليه؛ لا يجوز لأحد تفسير النصوص الشرعية والاستدلال بها دون علم، وهذه الجرأة على أحكام الله تعالى وتفسيرها، وأحيانا تحريفها لتحقيق أهداف شخصية، أو الهجوم على الآخرين والانتقاص منهم، لا يخفى ما له من عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة. والله تعالى أعلم.