الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
البقر من الأنعام التي تجب فيها الزكاة بشروط مخصوصة، منها: ألا تكون عاملة، وأن تكون سائمة –أي أن ترعى في كلأ مباح لا معلوفة-، جاء في [مغني المحتاج 2/ 79]: "والشرط الثاني [في زكاة الأنعام] كونها سائمة أي راعية، ففي خبر أنس (وفي صدقة الغنم في سائمتها إلخ) دل بمفهومه على نفي الزكاة في معلوفة الغنم، وقيس بها الإبل والبقر، وفي خبر أبي داود وغيره (في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون)"، فلا زكاة إذن على البقر المعلوفة من صاحبها بشرط أن تعلف مدة لا تعيش بدونها ما دامت غير معروضة للبيع.
فإن كانت البقر المعلوفة معدة للبيع؛ فتجب فيها زكاة التجارة؛ قال الإمام النووي رحمه الله: "إذا كان مال التجارة نصاباً من السائمة أو الثمر أو الزرع لم يجمع فيه بين وجوب زكاتي التجارة والعين بلا خلاف، وإنما يجب إحداهما" [المجموع 6/ 50]، وما دام شرط السوم قد فقد فلا تجب فيها زكاة العين، وإنما تجب فيها زكاة التجارة إن نوى مالكها عند شرائها التجارة، أو نوى التجارة بعد تملكها وبدأ ببيعها بالفعل، والواجب في هذه الحالة إخراج (2,5 %) من قيمة هذه البقر إن كانت بالغة نصاب التجارة وهو قيمة (85) غم من الذهب.
وأما الحليب الناتج؛ فلا تجب فيه زكاة ولو كان معداً للتجارة؛ لأنه لم يملك بمعاوضة؛ قال الإمام النووي رحمه الله: "وإنما يصير العرض للتجارة إذا اقترنت نيتها بكسبه بمعاوضة كشراء، وكذا المهر وعوض الخلع في الأصح، لا بالهبة والاحتطاب والاسترداد بعيب" [مغني المحتاج 2/ 106]، أما إن تجمّع من بيع الحليب الناتج شيء من المال، فبلغ النصاب وحال عليه الحول، وجبت فيه زكاة المال لا زكاة التجارة.
والحاصل أن البقر المعلوفة مدة لا يمكن أن تعيش بدونها، لا تجب فيها زكاة الأنعام إلا إن كانت معدة للتجارة فتجب فيها زكاة عروض التجارة، أما الحليب الناتج فلا زكاة فيه. والله تعالى أعلم.