الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
إذا قدم الشريك أو الشركاء مالاً، والآخر عمله وجهده، فهذه شركة تسمى "شركة مضاربة"، يتقاسم الشركاء فيها الأرباح بالحصص التي يتفقان عليها، سواء الثلث أم الربع أم النصف لصاحب المال والباقي لصاحب العمل، وإذا وقعت الخسارة -لا قدر الله- يخسر صاحب المال ماله، وصاحب العمل جهده وتعبه.
وقد قرر الفقهاء أنه لا يجوز لأحد الشركاء ضمان رأس مال الشركة، فيجب أن يتحمل الخسارة جميع الشركاء بنسبة رؤوس أموالهم في الشركة؛ قال الإمام النووي رحمه الله -في حديثه عن عقد الشركة-: "والخُسران على قدر المالين" [منهاج الطالبين/ ص132]، أي: كل بحسب حصته. وإذا تسبب أحد الشركاء، أو غيرهم بخسارة الشركة نتيجة التعدي والتقصير، فيضمن ما تسبب بخسارته نتيجة تعديه أو تقصيره.
وعليه، فإذا ضمن أحد الشريكين حصة الشريك الآخر فسدت الشركة، واسترد كل واحد من الشريكين حصته من رأس المال، وحينئذ يستحق الشريك العامل أجرة المثل من مال الشريك الآخر؛ قال الإمام زكريا الأنصاري رحمه الله: "وكل منهما -أي من الشريكين عند فساد الشركة- له على الآخر أجر مثل ما عمل له" [الغرر البهية في شرح البهجة الوردية 3 /169]. والله تعالى أعلم.